أصدرت قانون مكافحة الإرهاب الذي يسمح للسلطات بمحاكمة أي شخص بعد اعتباره إرهابيا في حال طالب بالإصلاح أو كشف الفساد أو انخرط في نشاط معارض. وهذا القانون يثير المخاوف والقلق لدى أغلب المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي والمطالبين بإجراء إصلاحات سياسية، وقد تضمن القانون مجموعة من المواد الخطيرة التي تحاول إضفاء الصفة القانونية على ممارسات وزارة الداخلية غير القانونية. كما إن القانون يجمع المعارضة السياسية السلمية بمرتكبي أعمال العنف في صف واحد ويضمن عدم حصول المتهمين على محاكمة عادلة.
بعض النصوص المواد المثيرة للقلق ورد في النص الآتي تعريف للجريمة الإرهابية بالقول:"كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية".كما فوّض القانون وزير الداخلية صلاحيات إصدار أمر بالقبض على من يُشتبه في ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، أو تفويض من يراه وفق ضوابط يحددها. وشدد أيضاً على أنه "لا يجوز الإفراج المؤقت عن أي متهم إلا بأمر من وزير الداخلية أو من يفوضه، وأن لوزير الداخلية -أو من يفوضه- الأمر بمراقبة الرسائل والخطابات والمطبوعات والطرود وسائر وسائل الاتصال والمحادثات".وفي المادة الخامسة يوضح القانون أنه يحق لجهة التحقيق توقيف المتهم في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام مدة أو مدداً متعاقبة لا تزيد في مجموعها على ستة أشهر، ولها التمديد ستة أشهر أخرى إذا تطلبت إجراءات التحقيق ذلك.وتنص المادة السادسة من القانون على أن المشتبه بهم يمكن احتجازهم لمدة 90 يوميا دون اتصال مع العالم الخارجي، ويسمح لهم بمكالمة واحدة فقط مع أسرهم بعد الاعتقال، بالإضافة إلى عدم الاتصال بالمحامي خلال عملية الاستجواب والتحقيقات، وليس لدى المتهم القدرة على استئناف قرار الداخلية، ويسمح الاحتجاز لأجل غير مسمى من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة والتي تعمل في سرية تامة.مكامن الخطر في هذا القانوناعتبر الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز أن الاضطرابات الإقليمية - في إشارة إلى الثورات (الربيع العربي)- وفرت أرضا خصبة للتهديدات الجديدة. وسيجيز مشروع القانون تمديد فترات الاحتجاز دون توجيه اتهامات أو محاكمة، والحكم بالسجن عشر سنوات على الأقل على أي شخص يشكك في نزاهة الملك أو ولي العهد. وبالتالي فالقانون يقوض كثيراً من تدابير حماية حقوق الإنسان في المواد الواردة فيه من خلال:1- اشتماله لتعريف ضبابي ومبهم للإرهاب، إن تعريفه للإرهاب لم يرد فيه ذكر للعناصر المعترف بها دولياً لهذه الجريمة، وهي بالأساس الأعمال العنيفة أو الأعمال الأخرى المقصود بها بث الترويع في السكان لإجبار الدولة على التصرف بشكل معين.2- يفرض القانون قيوداً لا لزوم لها على الحق في حرية التعبير والتجمع ويمنح سلطات إضافية للشرطة دون إشراف قضائي، بمنح صلاحيات واسعة لوزير الداخلية باتخاذ إجراءات هي أساساً من صلاحيات القضاء، كما يمس حقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة.3- ورد في القانون جرائم الإرهاب "وصف الملك –أو ولي العهد– بالكفر، أو شكك في نزاهته أو قدح في ذمته أو نقض البيعة أو حرض على ذلك". وهي ألفاظ تعطي الضوء الأخضر للداخلية بإعتقال أي ناشط حقوقي أو سياسي متى تشاء. 4- يوجه القانون رسالة مبطنة إلى جميع المسلحين السعوديين خارج المملكة مفادها "إن البقاء خارج السعودية مع التنظيمات المسلحة هو الأسلم لحياتكم والآمن لعوائكم"، الأمر الذي يوجب على تلك المجاميع القتال بشدة وضراوة لتحقيق مكاسب على الأرض لتوفر ملاذ آمن تحتمي به كأن يكون (إمارة) –على سبيل المثال- بعد أن أصبحوا مهددين في وطنهم ولا تقبلهم أي دولة أخرى.وقد جاء هذا القانون بعد انتقادات دولية واسعة لسلوك السعودية (الرسمي والديني المتطرف) الذي بات اليوم يشكل خطراً كبيراً يهدد السلم الإقليمي والدولي، كونها الحاضنة والمفقس للجماعات الإرهابية المسلحة والراعية للمؤسسات التي تحرض العنف وتمويله، وبذلك أدركت السلطات السعودية إن خطر هذه الجماعات سوف يطال ملكها وإستقرارها الأمني والسياسي.جانب من سجل المملكةللمملكة سجل غير مشرف في انتهاكات حقوق الإنسان نذكر منها – على سبيل المثال- إنتهاك حرية المرأة وحرمانها من أبسط حقوقها المدنية كما هو معروف عنها كونها الدولة الوحيدة بين دول العالم التي تحرم المرأة من حقها في قيادة السيارة ناهيك عن الانتهاكات العديدة لحقوق المرأة، بالإضافة إلى التضييق على التعبير عن الرأي وإعتقال الناشطين الحقوقيين، كما إنها لا تساوي بين المواطنين في الوظائف الحكومية وتمنع أي نشاط سياسي وكثيراً ما تصفه بالعمالة والخيانة، المملكة أيضاً، تمارس تضييقا يعبر عن المنهج العقائدي المتشدد الذي تعتنقه، فلا تسمح لآلاف المسلمين من الشيعة بزيارة قبور أئمتهم في البقيع، ويعتدي عناصر السلطة بالضرب على من يحاولون الوصول إلى هذه القبور بقصد التبرك، وتعرض العشرات من الحجاج الشيعة في مواسم الحج المختلفة لاعتداءات وتجاوزات وصلت إلى حد حجزهم في مكاتب ما يعرف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدة أيام وتهديدهم والاعتداء المعنوي عليهم، دون أن تقف منظمات الأمم المتحدة موقفا حازما من هذه التجاوزات التي تعتبر وفقا للقوانين والأعراف الدولية تجاوزا صارخا على حريات الناس في المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.دوافع التشريع القانون جاء بدوافع سلطوية خاصة تشتمل على:أ- تلميع صورة النظام السعودي أمام الرأي العام العالمي.ب- مواجهة أي محاولة للتغيير السياسي وفضح فساد الدولة المالي والإداري.ج - قطع الطريق على الناس في المطالبة بحقوقهم السياسية.د - تكميم الأفواه، وتقويض حرية الرأي والتعبير. إن هذا القانون يمثل التفاف على القوانين المرعية، ويُعَدّ تعسفاً في روحه وفي نص كلماته على الحقوق والحريات السياسية، وبالتالي من الصعب أن تتعاون أي حكومة أجنبية بشكل صريح مع مسؤولي مكافحة الإرهاب السعوديين إذا أصبحوا يعملون بموجب قانون كهذا.إن تمرير القانون مع الكثير من العيوب لا يبشر بالخير، بالنسبة لخطط السلطات لوضع حد للانتهاكات التي طال أمدها باسم مكافحة الإرهاب، وقد عبرت صحيفة “الإندبندنت” بالقول "إن النشطاء في مجال حقوق الإنسان أصيبوا بالهلع بعد إقرار القانون، وأكدوا أنه يحفظ “آل سعود” ويسمح لهم بالسيطرة على المملكة بشكل أكثر حسما، حيث تصاعدت مطالب الإصلاح الديمقراطي بعد احتجاجات الربيع العربي في عام 2011. التوصياتيجب أن تمارس ضغوطات جادة للمجتمع الدولي على السلطات السعودية تتمثل في:أولاً: البدء بإصلاحات سياسية واجتماعية كبيرة وشاملة.ثانياً: إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.ثالثاً: منح المرأة السعودية دور أكبر في مؤسسات الدولة وفي حرياتها المدنية.رابعاً: عدم التمييز بين المواطنين على أساس طائفي أو عقائدي.خامساً: مقاضاة المحرضين على العنف والكراهية الدينية.