تناول مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في حلقة نقاشية خاصة، الحديث عن الظواهر القانونية وغير القانونية لأداء مجلس النواب العراقي والجدل القائم هناك في أصل عمل هذه المؤسسة التشريعية والرقابية وصحة مواقفها القانونية والدستورية ومدى قدرتها على معالجة الثغرات والنصوص الواردة في نص وروح ذلك الدستور،
حيث عقد المركز الحقوقي حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (الظواهر غير القانونية في أداء مجلس النواب العراقي) يوم الأحد الموافق 19/4/2016، بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالشأن الاقتصادي وإعلاميين.
افتتح الحلقة الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، وقد أشار إلى نقطة جوهرية كون الشعب العراقي وبعد العام 2005 صوت بكلمة بنعم للدستور، مما حول نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، إلا إن البرلمان سرعان ما دخل "بازار" السياسة وأصبح أسيرا لرغبات الزعامات السياسية، والتي ما انفكت عن التدخل السافر في العمل البرلماني بسبب انصياع أعضاء ذلك المجلس لهذه الزعامات، وكأنما هم الذين جاءوا بهم إلى قبة البرلمان وليس الشعب، وخلال السنوات الماضية تمت كتابة فصول الكوميدية السوداء في أروقة المجلس التي خالفت الدستور والأعراف البرلمانية.
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع تمت استضافة كلا من الأستاذ الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون، وجاءت ورقته بعنوان (الفساد التشريعي)، والورقة الأخرى كانت للمستشار القانوني جاسم الشمري مدير الدراسات والبحوث في ديوان محافظة كربلاء وماجستير في القانون وباحث في مركز الفرات الدراسات للتنمية والدراسات الإستراتيجية.
الظواهر غير القانونية داخل خارج قبة البرلمان
الأستاذ جاسم الشمري، حاول من خلال ورقته البحثية أن يضعنا في صورة تلك الظواهر غير القانونية التي تعرض لها أداء مجلس النواب العراقي، خصوصا وان اغلب شعوب العالم تنظر إلى البرلمان نظرة ملؤها الاحترام والقداسة لما لهذه المؤسسة التشريعية من صلاحيات قادرة على بناء الدولة، ومن خلال هذه الصلاحيات يمكن أن يتقدم البلد أشواطا إلى الأمام، ويمكن أن يرجع عقودا إلى الخلف، ويظل البرلمان هو القائد وهو المؤسس والمراقب والمشرع والموجهة لكل فعاليات الدولة ومواطنيها.
فهو يراقب ويحاسب السلطة التنفيذية ويحترم السلطة القضائية ويدقق ويقر القضايا المالية ويعمل على تحقيق تطلعات وأمال الشعب، ويبقى جسم السلطة التشريعية منطقيا هو الجسم الأعلى في البلاد، فهو الذي يخطط ويقنن النصوص من اجل رسم المرحلة التي تحكم وجوده وتخطط لكلا السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالتالي فان نجاح كل مؤسسات الدولة وإخفاقها ينعكس بطبيعة الحال على مفاصل الدولة بأجمعها وينسحب تأثيره على أفراد الشعب.
وبين الشمري: حقيقة إن النظام البرلماني في العراق ليس جديد في تاريخ العراق المعاصر، وإنما تاريخه يشير إلى اعتماد الدولة العراقية منذ تأسيسها على النظام البرلماني، وقد تجددت آمال الشعب العراقي بعد سقوط النظام البائد وعودة النظام البرلماني لكي يبدأ مرحلة جديدة ونظام جديد، من اجل بناء الدولة العراقية التي تعرضت للكثير من الانتهاكات على مدى ثلاث دورات انتخابية، فلم يتمكن مجلس النواب العراقي من الوصول إلى الأداء الأمثل في عمله فقد أنجز القليل وتعثر وواجهة صعوبات وعراقيل حجمت من قراراته وشلت فعاليته، ومن هذه الصعوبات ما هو امني وسياسي وحزبي فضلا عن الأسباب الأخرى ذات العلاقة بالنواب أنفسهم ومؤهلاتهم وقدرتهم على أداء المهام.
هذه الأسباب بطبيعة الحال قللت من ثقة المواطن العراقي بمجلس النواب، الأمر الذي يتطلب إجراء مراجعة إصلاحية من قبل المجلس لتصحيح مساره وإعادة ترميم هذه المؤسسة الدستورية بما يحسن صورتها في ذهن المواطن، ومن ثمة البحث عن حلول ناجعة وأفكار خلاقة تعزز دور مجلس النواب وتحدد من اتفاقاته، من خلال تحري الموضوعية والمصلحة الوطنية في طرح المشاريع ومناقشتها والتصويت عليها.
الملاحظ من خلال متابعة أداء مجلس النواب العراقي وما تشهده العملية السياسية وجود عدت ظواهر في أداء مجلس النواب تكاد تتحول إلى عرف برلماني، وهذا العرف بطبيعة الحال هو عرف خاطئ، إلا إن السادة النواب أو كتلهم السياسية اعتادوا على هذه الظواهر، الأمر الذي يتطلب منا كمختصين في مجال القانون أو مهتمين إبراز هذه الظواهر والإشارة إليها كونها أصبحت تمثل خللا في أداء مجلس النواب وسبب لتعطيل جلساته أو عرقلة عمله أو إرباكها فمن هذه الظواهر وحسب ما جاء في الورقة:
أولاً/ الظواهر التي يأتيها النواب خارج قبة البرلمان
1_ الغياب عن جلسات البرلمان وهذه الظاهرة تعددت حالتها فمنها ما يشتمل تعليق العضوية، إذ لا يوجد هنالك أي نص دستور يشير إلى موضوع تعليق العضوية، كذلك الاستقالات وكما تعلمون لها إجراءات قانونية محددة لا يمكن أن نكون أمام استقالة قانونية إذا كان النائب يقدم استقالته من على شاشات الفضائيات أو استقالة شفوية أو عن طريق رئيس البرلمان، من دون أن تأخذ طريقها عبر جدول أعمال مجلس النواب ومن ثمة التصويت على هذه الاستقالة.
وهناك أمر آخر هو سفر بعض أعضاء مجلس النواب دون إحاطة رئاسة المجلس علما، وقد أكدت المادة (16) من النظام الداخلي، إن حضور اجتماعات المجلس ولجانه التي هو عضو فيها ولا يجوز التغيب إلا بعذر مشروع يقدره الرئيس أو رئيس اللجنة المختصة، وكذلك من ضمن الالتزامات على النائب إحاطة هيئة الرئاسة بسفره خارج العراق فعندما أدى أعضاء مجلس النواب اليمين الدستوري وبصوت واحد أمام أنظار الشعب العراقي.
وبالتالي سنكون أمام احد الجرائم الدستورية، كذلك في موضوع الاستقالة نجد إن بعض الاستقالات كانت نتيجة مواقف سياسية مثلا أعضاء جبهة الحوار ومتحدون في الدورة الثانية قدموا استقالاتهم من البرلمان على خلفية الحملة العسكرية في صحراء الانبار نتيجة لفض القوات الأمنية الاعتصامات في محافظة الانبار، كذلك ما رافق اعتقال النائب احمد العلواني من إجراءات كذلك أدت إلى تقديم بعض النواب استقالتهم، وفي التحالف الوطني قدم 18 نائب من كتلة الأحرار قدموا استقالتهم نتيجة الاختلاف ببعض وجهات النظر السياسية مع قادة التحالف الوطني، وان موضوعة الإقالة والاستقالة هذين المفهومين وردى في الدستور، ولكن ضمن إجراءات محددة كان يجب على النواب حينما يريدون الاتجاه بهذا الطريق أن يتبعوا الإجراءات الصحيحة حتى يضمنوا قانونية هذا الإجراء.
ثانيا/ الظواهر التي يأتيها النواب داخل قبة البرلمان
وهي كثيرة ولكن نحن شخصنا البعض باعتبار إن هذه الظواهر لا يمكن حصرها، وهي تصرفات كيفية منها، تعمد الإخلال بنصاب الجلسة، فعندما يناقش أي قانون يتعمد النواب بهدم النصاب القانوني لجلسة البرلمان، أمر آخر يتعلق بمخالفة التصويت وعدم الاهتمام بالية التصويت الالكتروني، كذلك التلاعب بنصاب الجلسة وفقا للأهواء أو المعاملة بالمثل بالتصويت والتصويت بسلة واحدة، وهذه الحالة ابرز مثال لها التصويت على قانون المحافظات رقم (21) لسنة (2008) وكذلك التصويت على قانون الموازنة (2008) والتصويت على قانون العفو رقم (19) لسنة (2008)، كان يحقق مصلحة للنواب السنة وواحد يحقق مصلحة لنواب الأكراد وواحد يحقق مصلحة لنواب الشيعة، وبالتالي تم الاتفاق على أن يتم التصويت بسلة واحدة.
وهذا يبين عدم ثقة الكتل بعضها مع البعض الآخر، كذلك التلقين بالتصويت واحتمال معايير عرقية وطائفية أو حزبية في توزيع المواقع السيادية، أيضا من الظواهر الأخرى غير القانونية عدم تطبيق النصوص القانونية من ضمنها عدم رفع الحصانة البرلمانية رغم وجود طلب من السلطة القضائية، ونلاحظ إن مجلس النواب رفع الحصانة البرلمانية عن بعض النواب حتى بدون وجود طلب من السلطة القضائية في حين إن بعض النواب توجد ضدهم قرارات وأوامر قبض من السلطة القضائية، ولكن مجلس النواب تغاضى عن رفع الحصانة.
ويضيف الشمري: هناك ظاهرة تعدد الجنسيات والتي هي تتعارض مع نص وروح الدستور، أضف إلى ذلك القيام ببعض الأمور التي هي من مهام الرئاسة مباشرة لاسيما وان بعض الأعضاء هو يفاتح الوزارات بتوقيعه وليس بتوقيع اللجنة التي ينتمي إليها، كذلك فيما يخص الاصطفافات الطائفية داخل المجلس، وموضوع استبدال وتعويض النواب، وقد أثبتت قرارات المحكمة الاتحادية وجود خطئ كبير، وموضوع التشويش والتشهير والتهديد داخل قبة المجلس، المحاصصة في المناصب هذا أيضا موضوع واضح وموجود في مجمل أداء مجلس النواب العراقي، وأخيرا نعزو هذه الظواهر إلى ضعف الوعي القانوني وعدم وجود المؤهلات كذلك الحال بالنسبة لضعف التدريب لأعضاء مجلس البرلمان.
الفساد التشريعي
بدوره أكد الأستاذ الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري جامعة كربلاء كلية القانون وجاءت ورقته بعنوان (الفساد التشريعي)، فقال بداية لابد أن نقف عند معنى الفساد، ففي القران الكريم كثيرا ما وردة هذه المفردة بصيغ متعددة منها (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)، واليوم عندما نجلس مع أعضاء السلطة التشريعية نجدهم هم دعاة الإصلاح كما يدعون، إلا أن الواقع يقول غير هذا الكلام الفساد مقترن كمفردة في ذهن المواطن العراقي بالسلطة التنفيذية، والفساد المالي هو حكر على السلطة التنفيذية، في حين لو دققنا في الأمر قليلا نجد إن الفساد مكمنه هو مجلس النواب، فالحكومة نتاج البرلمان، وإذا كانت الحكومة فاسدة معنى ذلك إن البرلمان فاسد، هذه نتيجة منطقية لا يختلف عليها اثنان.
فالفساد عرف على انه (استغلال السلطة أو استثمار السلطة لأجل الحصول على منفعة ذاتية مادية أو معنوية)، هذا المعنى مقتبس من كثير من النصوص القانونية عندنا في العراق التي تجرم السرقة والاستيلاء والاختلاس والتي وردة في قانون العقوبات العراقي (111) لسنة (69)، وكلها كانت تنصب على استغلال واستثمار المنصب بشكل غير قانوني فالوزير يستغل منصبه ويتدخل بالعقود أو في الصفقات ليحصل تارة لنفسه أو لغيره، الفساد التشريعي لا يكاد ينفصل عن هذا المفهوم فالكثير من النواب استغلوا سلطتهم ووظائفهم النيابية، ليحصلوا على فوائد ولا يخفى على الجميع ما طالعنا على الشاشات احد النواب، والذي قال بلسان فصيح (أنا أخذت رشوة، وكلنا فاسدون)، لأجل التستر على إحدى قضايا الفساد.
ووصف قانون العقوبات الجريمة هنا بالـ (مزدوجة)، فلو أردنا أن نطبق أحكام قانون العقوبات المادة (104) وما بعدها فهنا تعدد جرائم بفعل واحد، الفساد غالبا ما ارتبط بالمراحل الانتقالية لعدت أسباب، من أهم هذه الأسباب إن هذه المراحل الانتقالية تشهد تطورات اجتماعية سياسية دستورية ربما صدور وثائق دستورية جديدة صدور قوانين معينة، إضافة إلى ذلك عدم اكتمال البنية القانونية والمؤسسية لمراقبة الفساد، فالعراق مثلا بعد (2003) ما كانت بنية مكافحة الفساد غير متكاملة لديه هيئة النزاهة غير مشكلة مكاتب المفتش العام ليست ناضجة بالشكل المطلوب.
يضيف الدكتور علاء: وبالتالي هذا مدعاة للفساد أكثر وأكثر خصوصا وان البنية القانونية التي تكافح الفساد لم تصل إلى مستوى النضج، مجلس النواب العراقي الآن يمضى على عمره ما يقارب العشر سنوات، ولكن لو سلطنا الضوء على أداء مجلس النواب خلال هذه العشر سنوات، لوجدنا أدائه ركيك ضعيف بل هو أداء مخجل لو قارنه بيوم واحد من أي برلمان في العالم، ولا يؤدي ما نسبته 2% من أداء البرلمانات الرصينة والعريقة كالبرلمان البريطاني والفرنسي.
ولو أخذنا بعض النماذج مما صدر عن مجلس النواب العراقي ووضعناها تحت المجهر لنكتشف فيها جراثيم الفساد، مثلا لو أخذنا بعض القوانين المهمة التي تسمى بفقه القانون الدستوري القوانين الأساسية المكملة للوثيقة الدستورية، هذه الوثيقة لا تنظم كل شيء بل هي ترسم الخطوط العريضة وتأتي القوانين تسمى القوانين الأساسية المكملة للوثيقة، فهي تعد مكملة، وتسمى الأساسية لأنها تأتي بالمرتبة الثانية من بعد الدستور ومنها مثلا قانون المحكمة الاتحادية العليا، والذي إلى اليوم لم يصدر وهي من أهم المؤسسات في البلد ورده في المادة (82) و (83) من الدستور لعام (2005) المجلس الاتحادي الذي ورد النص عليه في المادة (65) إلى اليوم لم يشهد النور ولكن من المفترض أن يرى النور في الدورة الثانية، أي في العام (2010)، قانون النفط والغاز هذا الجدل الواسع منذ العام (2003) لم يفلح مجلس النواب بان يؤسس إليه لتقاسم ثروات البلد كما أكدت على ذلك المادة (213) من الدستور العراقي هذا على جانب القوانين الأساسية.
ويسترسل الحسيني قائلاً: هناك قوانين صدرت من مجلس النواب العراقي ولكن هذه القوانين فيها عيوبها، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، لكم أن تأخذوا من الأمثلة الشيء الكثير. قانون الأحزاب الذي اقر مؤخرا ورقمه (36) لسنة (2015) منشور في الوقائع العراقية في المادة (42) و(44)، نجد انه اقر منحا وعطايا سخية للأحزاب السياسية ما سيسيل لعاب السياسيين حتى يؤسس كل منهم حزب مستقل ليحصل على 20% كعطايا وهدايا، وإذا فاز بمقاعد في مجلس النواب قد تصل إلى 80% وفق آلية غير واضحة إلى الآن، ولا نعرف كيف تحتسب هذه المبالغ، وهذا إثقال لكاهل الموازنة التي هي أصلا مرتبكة والموارد شحيحة، وهنالك أيضا قوانين صدرت عن مجلس النواب لكن المجلس جعل فيها ما يعرقل تنفيذها، مثلا قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم (4) لسنة (2009).
ويضيف أيضاً: من المفروض كل الوظائف العامة من التعيين إلى الترقية إلى غيرها تصدر من مجلس الخدمة العامة الاتحادية، إلا إن اختلافات الكتل السياسية جعلتها تصوغ هذا القانون بشكل يمنع تنفيذه، كما إن مجلس النواب قصر في واجبه الرقابي في أن يراقب الحكومة ويسألها لماذا القانون منذ عام (2009) والى الآن لم يرى النور؟، قانون الإجراءات التنفيذية لتشكيل الأقاليم (13) لسنة (2008) وضع فيه المشرع من العراقيل في المادة الرابعة ما يمنع تنفيذه، والأدهى والأمر إن رأس السلطة التنفيذية يصرح جهارا نهارا انه ضد تشكيل الأقاليم خاصة وانه اقسم اليمين وفق المادة (50) من الدستور بأنه يحافظ على تطبيق القوانين والتشريعات بأمانة وحياد، وبالتالي هو ارتكب جريمة الحنث باليمين الدستوري.
والكثير من القوانين كان فيها المشرع العراقي غير موفقا، نعطى مثلا على ذلك قانوني الموازنة الاتحادية لعامي (2015) ورقم واحد لسنة (2016)، ألزما الحكومة بتطبيق قانون التعريفة الكمركية رقم (22) لسنة (2010)، ماذا حصل طبقت هذه الفقرة في المنافذ الجنوبية والوسطى، وأعفيت المنافذ الشمالية فانخفضت الإيرادات من المنافذ الجنوبية وهرب التجارة لإدخال بضائعهم من الشمال، وهل هناك فساد أجدى من هذا الفساد تمنح هدايا وهبات من الموازنة للكثير من الجهات بدون مسوغ.
علاوة على إن البرلمان يقر قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة (2014) ويضع لنفسه تقاعد متميز عن كل العراقيين بالمادة (37) بأنه يبدأ 25% من راتبه ومن ثمة اثنان ونصف عن كل سنة خدمة من راتبه ويتصاعد إلى 80% وعندما سن هذا القانون لله الحمد المحكمة الاتحادية العليا نقضت هذا القانون بقرارها (34) لسنة (2014) طبعا بعد سجال ومظاهرات وممانعة من قبل أطياف المجتمع العراقي.
وهذا غيض من فيض التشريعات متهالكة ومنها ما هو متعارض متضارب في ذات القانون مثلا قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة (2008) في المادة (7) البند (10) قال مجلس المحافظة بإمكانه أن يعين أصحاب المناصب العليا في المحافظة مثل مدير الصحة والشرطة والبلدية وبإمكانه أن يقيلهم ومجلس الوزراء بإمكانه أن يقيلهم، ولنا أن نتخيل الآلية بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية وهو الإرباك بعينه، أيضا يمكن الإشارة إلى المادة (45) من قانون المحافظات التي ألزمت الحكومة بنقل ثمانية من الوزارات دوائر فرعية مع الموظفين مع الاختصاص إلى المحافظات في موعد أقصاه (6/8/2015) ونحن الآن على أعتاب 2017 ولن نرى لنقل الصلاحيات شخصا ولم نشهد له ضلا.
المداخلات:
المداخلة الأولى كانت للأديب خالد مطلك العبودي، الأمين العام لمؤسسة المسرة الثقافية في العراق ومدير مكتب المفوضية الدولية لحقوق الإنسان في كربلاء: قال "لا استطيع أن أتكلم عن الظواهر غير القانونية فالبرلمان هو غير قانوني وولد من رحم فاسد، جاء بانتخابات مزيفة وغير قانونية ومن ثمة انتخاب رئاسات للبرلمان هي غير قانونية، وكذلك تحديد راتب البرلماني ومخصصاته.
من جهته قال مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام علي الطالقاني، النظام البرلماني يعد ملائما للعراق، وخصوصا فان العراق عاش تاريخا عانى من خلاله من سلطات جائرة تمتلك سلطة لا يقيدها أي قيد وجلبت العديد من الويلات للشعب وتقف حائلا امام الحقوق والحريات.
ان الفرصة للاصطلاحات في العراق مازالت قائمة وهو الامر الذي يتطلب ان تأخذ منظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية دورها في التكاتف والضغط بشكل مستمر على السياسيين من اجل تقديم تنازلات لمصلحة العملية السياسية.
وفيما يخص أعداد أفراد مجلس النواب قال الطالقاني، لو قارنا العدد الكبير الذي يفوق 300 مقعد لم نجد له نظير في مختلف البلدان، وفيما يتعلق بظاهر غياب أعضاء مجلس النواب وتعليق العضوية اعتقد ان ذلك مرهون بشعور عضو البرلمان نفسه من حيث شعوره بالمسؤولية وحرصه على شعبه وجمهوره الذي انتخبه.
كما ينبغي الوقوف اما الظواهر التي ذكرت سابقا مثل استغلال المناصب الوظيفية لأغراض شخصية وحزبية ضيقة.
بدوره يتساءل إيهاب جواد رئيس تنسيقية كربلاء: عن حاملي الجنسية المزدوجة من المسؤولين ففي حال ارتكابهم جريمة هل تضره ام تنفعه وهل يحاكم في كلا البلدين ام في بلد واحد والبلد الآخر سوف يدافع عنه، سؤال آخر هل فعلا الدستور العراقي جامد ولا يقبل التعديل خصوصا وان في ثنايا ذلك الدستور فقرة تنص على ضرورة تأييد ثلاث محافظات لأي قرار فهل يبقى الحال على ما عليه أم ثمة إجراءات ممكن اتباعها كي نغير مسار ذلك الدستور، ايضا مسألة التعريفة الكمركية لماذا لم تلتزم به المنافذ الشمالية سيما وان هناك تشريع فما هو الإجراء القانوني كي تلتزم تلك المنافذ.
من جانبه سامر حسن، الناطق الإعلامي لتنسيقية كربلاء: يسأل، هل تعتبر الظواهر غير القانونية نقاط ضعف خاص بالنظام البرلماني حصرا ام إنها تظهر بالبلد الذي يخضع له العراق ومع وجود كتل سياسية مختلفة بتوجهاتها وميولها، كيفية الحد من الظواهر غير القانونية في داخل وخارج المجلس ومع وجود حصانة للنائب ووجود نظام داخلي لا يعمل به، سؤال اخر لو اتيح للدكتور المحاضر فرصة تطبيق القانون كيف سيكون الوضع والكثير من المسئولين قد خالف القانون فهل بالإمكان ان يزج بهم الجميع بالسجون، سؤال أخير في حالة التغاضي من قبل القضاء على كل اشكال المخالفات هل يعتبر القضاء بجميع فئاته مدان.
الشيخ مرتضى معاش، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام قال، الإصلاح لابد أن يبدأ من البرلمان وبالتالي ينعكس على العملية السياسية على اعتبار ان البرلمان هو مصدر التشريع وهو المشرع، المشكلة الأساسية في الفساد التشريعي هو النظام الانتخابي ومفوضية الانتخابات فإذا ما أصلحنا النظام الانتخابي ومفوضية الانتخابات نستطيع أن نخرج ببرلمان لا بأس به، فعلى سبيل المثال النظام الانتخابي سانت ليغو الذي استخدم في الانتخابات المحلية السابقة كان به هامش لصعود بعض المرشحين المستقلين، ولم يعجب ذلك الكتل الرئيسية المتنفذة في البرلمان فضغطوا لتغيير النسبة المئوية في نظام سانت ليغو لتضييق هامش المرشحين المستقلين وتوسيع فرص مرشحي الأحزاب الكبيرة.
وأضاف معاش، ومن امثلة بعض الفساد التشريعي تضعيف الأنظمة الرقابية وهو ما تستهدفه الأحزاب الكبيرة مثل قانون المنظمات غير الحكومية الذي هو قانون معقد جدا يؤدي إلى تقييد حركة منظمات المجتمع المدني وتضعيف دورها الرقابي، كذلك قانون الأحزاب، وقانون حرية الوصول إلى المعلومة.
وأضاف بعض التوصيات منها، ان فلسفة وجوهر العملية الديمقراطية الحقيقية هي توازن القوى وتقوية القضاء والفصل بين السلطات، وأيضا تقوية مجلس الاتحاد وتقوية دور المنظمات غير الحكومية للمراقبة، وقياس أداء البرلمان من خلال مؤشرات عليمة قائمة على الإنجاز. وحماية وسائل الإعلام خصوصا الصحافة الاستقصائية التي لم تأخذ دورها إلى الآن، كذلك تقوية دور المنظمات التي تقوم بعملية استطلاعات الرأي، كل ذلك سيؤدي الى تخفيف الفساد التشريعي التي تمارسه بعض القوى السياسية المتنفذة.