عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات جلسته الحوارية الشهرية في ملتقى النبأ الأسبوعي، تحت عنوان (الحق في الخصوصية الجينية)، قدمها الباحث في المركز الدكتور علاء الحسيني، وحضر الجلسة عدد من الأساتذة ومدراء المراكز البحثية والأكاديميين المختصين، حيث بدأ الباحث بالقول:
"ان حقوق الإنسان كما يعلم الجميع هي واحدة من المفاهيم الأكثر تطورا وتغيرا وتأثرا في الواقع العلمي والتقني والتكنلوجي، بل يكاد لا يمر الا وتواجهنا العلوم والتكنلوجيا باكتشافات حديثة وتقنيات مستحدثة، لها ما لها من الايجابيات، ولكن يخشى من سلبياتها على الحقوق والحريات، من أهم الاكتشافات الحديثة التي برزت إلى السطح في ثمانيات القرن الماضي وبدأت تتفاعل وتتطور يوما بعد يوم هي تقنية الفحص الجيني أو ما بات يعرف فيما بعد بتقنيات البصمة الوراثية "DNA".
الذي ارتبط بالكثير من المفاهيم التي لها علاقة بمثل هذه الفحوص أو بما يمكن ان تفضي إليه من نتائج مهمة على مختلف الصعد، سوى كانت ايجابية حتى تقي الإنسان من عدم الوقوع في مخالفات وجرائم معينة أو أمراض معينة، الا انها في ذات الوقت قد تشكل خطرا على الحق في الخصوصية.
بداية الأمر لابد ان نعرج على فلسفة وفكرة الحق في الخصوصية، وهي واحدة من الحقوق التي يتمتع بها بني الإنسان جميعا، بمعنى آخر ان تكون معلوماتهم الذاتية الشخصية في حرز مغلق، ولا يطلع عليها الأغيار الا بالقدر الذي يسمح به صاحب الشأن بإطلاع الآخرين عليه، هذه البيانات وهذه المعلومات الشخصية التي تتصل بالإنسان كشخص وبعائلته وبتاريخه وجسمه وما شاكل، كلها تشكل بنك من المعلومات يختص الفرد فقط بالإطلاع عليها، وبمقتضى ذلك لا يمكن للآخرين الإطلاع عليها الا بالقدر الذي هو نفسه يسمح للآخرين بالإطلاع عليها.
هذا المعنى يشكل قاعدة أساسية يمكن الانطلاق إليها في الأحوال الطبيعة، لان حق الخصوصية، واحد من الحقوق الأكثر احتراما على المستوى العالمي والدولي وعلى المستوى الوطني أيضا، فعلي سبيل المثال الدستور العراق في العام (2005) في المادة (17) يشير لمعنى الحق في الخصوصية، بالتالي أصبح هذا الحق مؤمن ومحترم، ولا يمكن للآخرين الإطلاع عليها.
بل حتى الجهات الرسمية لا يحق لها الإطلاع على تلك البيانات، طالما ان ذلك لا يشكل خطرا أو تهديدا للنظام أو للآداب العامة، والأمر هنا بطبيعة الحال لا يتوقف عند حدود المستوى الوطني أو الجغرافيا الوطنية، بل هذا الأساس القانوني وصل إلى المستوى الدولي كما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (1948)، حيث يدعو إلى ضرورة احترم الحياة الخاصة للأفراد جميعا.
لذلك نجد غالبية الحقوق التي تتصف بالجانب الشخصي أتى على ذكرها المشرع العراقي وقيدها بقيدين، القيد الأول انه لا يتم الإطلاع عليها الا بأمر من القضاء، إي وجود سند أو أساس قانوني يسمح بالإطلاع على مثل هكذا بيانات أو ما شاكل، هذا ما يخص الحق بشكل عام.
لكننا حينما نأتي على الحق في الخصوصية الجينية، كل فرد منا له صفات جينية موروثة تأتيه من الوالدين، حيث ثبت بالدليل العلمي ان اجتماع الرجل بالمرأة هناك كروموسومات معينة أو صفات وراثية معينة يتم تناقلها، وهذا ما أوردته التقارير العالمية التي تتحدث ان كل كروموسوم يحمل ما لا يقل عن (72) من الصفات الوراثية، بالتالي يكون هناك خليط من الصفات الوراثية التي يكتسبها الإنسان من أمه وأبيه، هذه الصفات إذا جاءت على النحو الطبيعي تكون صفات وراثية وحسب.
ولكن يخشى ما يخشى العلماء من الطفرات الوراثية الخطيرة أو فيما لو حصل هناك تشوه جيني لا سامح الله، حيث يقود هذا العارض الجيني إلى أمراض معينة منها ما يظهر آنيا، ومنها ما يظهر مستقبلا كإمراض الضغط أو السكر وإمراض الدم أو ما شاكل، هذه واحدة من الأشياء التي يكتشفها الفحص الجيني المبكر.
لذلك فان اعتبارات الحق في البيانات الجينية، تعني في حقيقتها ان الإنسان له الحق الا يطلع احد على الصفات الوراثية التي يحملها، لأنها قد تسبب له شكل من إشكال النبذ الاجتماعي أو الإيذاء المادي والمعنوي لهذا الشخص، خصوصا وان الصفات الجينية قد تحمل بين طياتها تهدد ما للمجتمع والأسرة والشخص نفسه.
ففي سياق هذا المعنى قد يكون شخص ما مصاب بأمراض انتقالية أو وراثية، هذا الأمراض لها انعكاسات مباشرة على الحياة الزوجية، هذا المنعطف بحد ذاته قد يدخلنا في إشكالية الرضا وعدم الرضا، بمعنى ان الشريعة الاسلامية وبكل تفاصيلها تشترط الرضا التام في عقد الزواج بين الزوجين، الأمر أيضا ينسحب على شركات التامين من جهة أخرى، لأنها قد تتعرض للضرر المالي من جراء تلك الحالة.
بالتالي نحن إزاء معضلة تحمل عنوان ضرورة الكشف وضرورة حفظ الخصوصية، هذا الثنائية الشائكة تعني الموازنة ما بين خصوصية حفظ البيانات والكشف عنها، الا بمحض موافقة ذلك الشخص الصريحة والصحيحة، حتى نتوسم من خلال ذلك المنحى حتمية الوقوف على قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
لذلك نرى اليوم السلطات العراقية ومن خلال وزارة الداخلية ومن خلال المديرية الخاصة بالأدلة الجنائية بدأت بإنشاء بنوك حيوية بالنسبة لفحوصات "DNA"، وهذه المسالة تكاد تكون جوهرية جدا بل هي ضرورية وأساسية، فكل المشرعين في المنطقة أصدروا تقريبا قوانين خاصة بتقنيات "DNA" ما عدى المشرع العراقي لحد الآن متخلف عن هذا الركب، في الكويت (2012) في قطر (2016) الإمارات (2015) في مصر (2011).
نستشف من خلال ما تقدم ان غالبية دول العالم والمنطقة أصدرت قوانين خاصة بتقنيات "DNA" والسبب لأننا نحتاجها في أكثر من استعمال، نحتاجها أولا في المسائل الصحية خصوصا وان الكثير من الأمراض لا يتم الكشف عنها الا من خلال التقنيات الجينية كي نصل للمستقبل المرضي لبعض الأشخاص، الجانب الايجابي الثاني الكشف عن الجرائم إذا ما استخدمنا تقنيات "DNA"، الأمر الثالث يمكن الاستفادة من التقنيات الجينية على مستوى إثبات النسب، وهناك استعمالات واستعمالات أخرى تخص أرباب العمل للتعرف على الواقع الصحي للعاملين لديهم أو ما شاكل
ما يعنينا في هذا المقال هو ان نحترم حق الخصوصية الجينية للفرد، في ظل هذا التطور الكبير جدا والهائل التي يشهدها العالم من اجل حفظ الخصوصية الجينية، فعلى سبيل المثال بصمة الإبهام التي نضعها في بعض الدوائر الرسمية أو غير الرسمية كتوقيع، هذه البصمة في حقيقة الأمر يمكن الرجوع إليها لمعرفة خلايا جلدك ولفترات طويلة تصل لملايين السنين، بالتالي نحن نستطيع ان نأخذ من خلال تلك البصمة تحليل "DNA" ونعرف كل خصوصياتك أنت وأسرتك، وهذا ما سعت إليه بعض الشركات العالمية التي تجري الفحص الجيني بأسعار مغرية.
إسرائيل على سبيل المثال وليس الحصر هي تحتفظ اليوم بأكبر بنك للجينات يخص المواطنين الفلسطينيين، بالتالي هي لا تعاني كثيرا في اكتشاف إي مقاوم فلسطيني بلمح البصر وذلك من خلال استخدامات بسيطة تخص مثلا الظرف الفارغ الذي يطلقه المقاوم، والعلة هنا تتمحور حول بصمة اليد التي يلمس بها الاطلاقة، هذا السلوك مع ما يحمل هو انتهاك صارخ للخصوصية وانتهاك للحقوق الخاصة، أمريكا هي الأخرى استخدمت ذات الاسلوب إثناء احتلالها للعراق وهي تمتلك رصيد عالي جدا من التحليل الجيني للكثير من المعتقلين العراقيين ومن الإفراد.
هذا مما عزز لدينا فكرة ان نبحث عن آلية لإيجاد تشريع يحمي المواطن العراق ويحمي خصوصية بياناته الجينية، وان لا تكون هذه البيانات عرضه في يوم من الأيام إلى البيع والشراء، من خلال صفحات التواصل الاجتماعي او من خلال بعض الشركات التي تستثمر في مثل هكذا بيانات.
وفي ختام الورقة نستطلع آراءكم ونسترشد بها لكي نتعرف على آراءكم حول هذا الموضوع، عبر
هذين السؤالين:
السؤال الأول: كيف يمكن استثمار وسائل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لحماية الحق في الخصوصية الجينية؟
السؤال الثاني: ما هي الآليات الضامنة للحق في الخصوصية الجينية على المستوى المهني والثقافي والفني والقانوني؟
المداخلات
الضامنة الحقيقة
- الأستاذ علي حسين عبيد؛ كاتب وباحث في شبكة النبأ:
لا شك ولا ريب ان الجهات الرسمية هي وحدها الكفيلة بالاضطلاع بهذا الدور المهم والحيوي، في سبيل اخذ الإجراءات الحازمة والصارمة لحفظ حق الخصوصية الجينية للفرد العراقي، خصوصا وان مسارات تلك الخطوة لها انعكاسات ملموسة على الواقع الحياتي للفرد العراقي، الذي عانى الأمرين من فكرة إننا متأخرين عن باقي الأمم في هذا المضمار.
ولكن والحق يقال في مثل هكذا ندوات ما ان نطرح إلية السؤال والاستفسار، نحن كمن يضع يده على الجرح، من اجل تلافى إشكالية غياب هذا العلم المتقدم عن بلاد ما بين النهرين.
الضامنة الحقيقة التي لابد ان نصل إليها هي وجود أساس قانوني في الدرجة الأولى، لذلك من الضروري جدا على المشرع العراقي ان يتحمل مسؤوليته الوطنية والإنسانية من اجل سد تلك الثغرة بوجود قوانين وأنظمة حاكمه له، الأمر الآخر المستفز الذي أود التطرق له شخصيا فانا على سبيل المثال لدي مئات البصمات على الورق، بمعنى إنني على المستوى الشخصي مكشوف من إلف إلى الياء.
الذكاء الاصطناعي إشكاليات خطيرة
- باسم الزيدي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:
هذا الموضوع متشعب وكبير لذلك نحاول لملمة بعض أجزاءه، لان الحق في الخصوصية برز مع بروز ثورة الاكتشافات الجينية، وذلك على اعتبار الكروموسومات تم اكتشافها في بداية هذا القرن، ولكن فك شيفرتها احتاج للكثير من التعقيد، والعله لان الكروموسوم الواحد هو مسؤول عن جزئية معينة وله عوامل وراثية يتناقلها عبر الأجيال، لذلك الأطباء ومنذ ثمانيات القرن الماضي والى الآن اهتموا بهذا العلم اهتمام غير اعتادي، ليشهد قفزات كبيرة ومرعبة، حتى أصبح من الهين التعامل معه ودراسته وتطويره.
الحق في الخصوصية يدور في ثلاث دوائر أو ثلاث أراء وهي من تسبب بهذه الإشكالية.
الرأي الأول: يعارض انتهاك خصوصية الأفراد، وذلك على اعتبار ان هذه الخصائص هي جزء من شخصيته ووجوده كانسان، وهذا الأمر قد تتبعه نظرة قانونية أو نظره دينية أو نظره أخلاقية.
الرأي الثاني: يذهب إلى إنصاف العلم العلماء كون هذا المنحى يصب في خانة فائدة البشرية، وذلك لان الكروموسومات أو الخصائص الجينية لكل فرد هي ليست فقط مسؤولة عن الأمراض التي يتناقلها بشكل أو بآخر، بل يمكن من خلالها إيجاد العوامل المؤثرة في تدعيم صحة الإنسان، حتى يصل للخلود في بعض النظريات.
الرأي الثالث: يدعم حقيقة حفظ الخصوصية عبر التشريعات والنظم القانونية محليا أو دوليا، خصوصا وان مقاييس الالتزام بهذه الحيثية تكاد يكون ضعيفة، وهذا نابع من كون اغلب استعمالاته هي استعمالات أمنية، لذلك تحاول كل دول من الدول ان تحافظ على هذا البنك، بل تتعدى على بعض الدول كي تأخذ بعض المعلومات عنها.
ما يخص إشكالية الذكاء الاصطناعي فيه إشكالية خطيرة جدا، لاسيما وان مجال عمله حاليا يدمج ما بين المعلومات التي تتعلق بالبرمجة ويزاوجها مع الآلة، فلذلك عندما تتوحد المعلومات مع الآلة تنتج لنا ذكاء اصطناعي بارومتري أو غيره، هنا تكمن الخطورة مع تطور الذكاء الاصطناعي الذي يدمج ما بين قاعدة البيانات وما بين البشر، وهذا ما أشار إليه ايلون ماسك في أكثر من مرة.
فيما لو تم استخدام أجزاء من البشر وتم تزويجها مع الذكاء الاصطناعي، ما هو الجيل القادم، وما هي التشريعات التي يمكن ان تحفظ هذا الأمر، خصوصا ونحن نعيش إشكالية عدم انتهاك خصوصية الآخرين، المسألة الأخرى التي يمكن ان تكون عائق أمام هذه المسالة، ان الذين يقوموا بهذا العمل هم ليسوا أفراد بل شركات احتكارية وتبحث عن أموال، بالتالي هي غير ملتزمة بأي ثابت أخلاقي أو اجتماعي أو إنساني.
استخدام الخصوصية الجينية واستثمارها في قضايا سياسية
- الأستاذ حامد الجبوري؛ باحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الإستراتيجية:
الآليات الضامنة للخصوصية الجينية تتعلق بالنظام الهيكلي أو ارتباط الجهة المسؤولة عن الخصوصية الجينية أو الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، خصوصا ونحن نعيش في بلدان ذات طابع استبدادي، من هنا لا يوجد ضامن حقيقي من إمكانية استخدام الخصوصية الجينية واستثمارها في قضايا سياسية أو أمنية، لذلك لابد من ربط هذه الدوائر بالجانب القضائي وليس على المستوى الوزاري والتنفيذي.
من خلال ذلك نستطيع ان نحجم من إمكانية استخدام هذه البيانات الوراثية وتوظيفها لأغراض سياسية.
استعمال العلوم في خدمة بني البشر
- الأستاذ علاء الكاظمي؛ باحث اكاديمي:
الآليات التي يسير عليه العالم اليوم هي دليل واضح على ان الجهات العلمية هي غير أمينة، في توظيف تلك العلوم المهمة كالعلوم الجينية والذكاء الاصطناعي والفيزياء والكيمياء أو ما شاكل، أي ان مستوى توظف تلك العلوم يسير جنبا إلى جنب مع حالة الإضرار بالعالم على مستوى تصنيع الطائرات والقنابل والأسلحة الجرثومية.
بمعنى ان استخدام تلك العلوم لا يتم بالجانب الايجابي بل بالجانب السلبي والمضر، بالتالي هذه الجهات غير مأمونة وتبحث عن مصالحها ومكاسبها المالية، لذلك هذا العلم واقصد الفحص الجيني هو كسائر العلوم هو بيد غير مأمونة وسوف يتم استخدمه استخدام سيئ.
نحن ندعو إلى زيادة الحماية على الخصوصية الجينية من ناحية الذكاء الاصطناعي أو الرموز أو التشفيرات، وهو أيضا لا يمنع من اختراقها في ظل البرمجيات الحديثة ووجود الهكرز، بالتالي فان السياسات العالمية قادرة ان تصل لأضعف الحلقات واستثمارها استثمار غير سليم.
هي أيضا بيد أصحاب المصالح والشركات العالمية والدولة الاستعمارية، لذلك لا توجد آليات ضامنة لاستعمال تلك العلوم في خدمة بني البشر، الا بمقتضيات معينة قد تخدم من بيده مصاديق تلك العلوم الحديثة.
الأخلاق والضمير
- الأستاذ احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
ان مسالة الحفاظ على الخصوصية هي مسالة شائكة، لا سيما ونحن نعيش في عالم مادي وعالم لا تحكمه الأخلاق، بل عالم تجاوز جميع الأخلاق الإنسانية ووظفها باتجاه قضايا نفعية ومصلحية، لذى لا يمكن ان نجد في يوم من الأيام عدم استغلال هذه الخصوصية، لكن يمكن تناول الموضوع من زاوية أخرى تاريخية.
هذا مما يدلل ان هذه الحيز له خصائص ضاربة في التاريخ، ففي الجاهلية على سبيل المثال كانت هناك شريحة تطلق على نفسها القفات أو النسابة، وهي تتعرض إلى الأسرة والى شرف تلك الأسرة ونسبها، والأمثلة بهذا الخصوص طويلة وعريضة، فإذا ما شك شخصا ما بابن ابنه لا يشبه في اللون أو الخلقة، حينذاك يستعين بالنسابة لإجراء الفحص لبعض الظواهر الجسمانية والسلوكية.
بمعنى آخر ان قرار ذلك النساب له تبعات عظيمة على هيكل تلك الأسرة وعلى المجتمع في إنا واحد، وهذا ما حاول ان يرفضه جملة وتفصيلا نبي الرحمة صل الله عليه وآله في تلك الحادثة المعروفة تاريخيا، بالتالي في حفظ الخصوصية الجينية يحكمها الأخلاق والضمير في الدرجة الأولى.
الخصائص الجينية تشغل الفكر الإنساني
- الأستاذ عدنان الصالحي؛ مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
ان موضوعة الخصائص الجينية تشغل الفكر الإنساني بشكل عام على مستوى العالم، بل تم استخدام ذلك العلم في الآونة الأخيرة في الحروب البشرية وفي التلاعب بالجينات وتهجين الجينات من كائنات أخرى، بالتالي أصبح هذا الواقع الشغل الشاغل للعديد من الدوائر الدولية، بل في بعض الأحيان يمكن وصف تلك الحالة على أنها حرب غير معلنة، لكن للأسف الشديد الشرق الأوسط عموما والعراق على وجه التحديد، هو يقع في ذيل هذه القائمة في خصوص الاهتمام بهذا الموضوع.
والسبب لأننا لا نملك الآليات والوسائل التقنية الحديثة فيما يتعلق بالجينات، الا بقدر ما يتعلق هذا الأمر في جزئية مطابقة "DNA" ومعرفة الوفيات أو المفقودين او إثبات النسب، بالنتيجة نحن نحتاج إلى ثورة كبيرة على المستوى التقني والعلمي، لاسيما وان الدوائر المعنية كوزارة الصحة ووزارة العلوم والتكنلوجيا ووزارة التعليم وهيئة حقوق الإنسان، لا تولي الاهتمام الكافي بهذا العلم.
إلى جانب ذلك قضية المخدرات ومدى ارتباطها بالخصوصية الجينية وبالأسرة والذرية، قد تشكل حقيقة في مضمار هذا العلم، لذلك نحن أمام انعطافه مهمة في تاريخ العلم الجيني المرتبط بالكثير من المزايا الحياتية والعسكرية والأمنية، وهذا ليس بالشيء الجديد ونحن نعيش ظروف وملابسات استخدام البصمة ووسائل الاتصال للضرب عن بعد، أيضا يمكن استخدام الأطعمة في ضرب الجينات.
ان الآليات الضامنة في حق حفظ الخصوصية حتى وان وجدنا التشريع القانوني، فآليات التطبيق تكاد تكون شبه معدومة، لاسيما في حدود ضعف المستوى العلمي والفني لتلك البلدان.
الجانب الطبي أم الأخلاقي
- الأستاذ محمد علاء الصافي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:
حالة استثمار الوسائل الحديثة مشوار بعيد المنال، لاسيما على مستوى تشريع القوانين واستخدام الأجهزة في العراق، حاليا على سبيل المثال هناك مشروع منذ عقد من الزمن يطرح من خلال الفيسبوك يحمل عنوان (المشروع الجيني في الشرق الأوسط) أو (لمشروع الجيني في العراق)، من مجموعة كروبات فيها آلاف الأعضاء.
هؤلاء يحملون هاجس التنوع العرقي والطائفي والقومي في عالمنا العربي، لذلك نرى ان الوعي الشعبي العربي مشغول بدوامة التنوع العرقي مع وجود القوميات العربية والكردية والفارسية، عكس المجتمعات الغربية التي تجاوزت هذا المنحى، بمعنى آخر ان النزعة الدينية والقومية والعرقية ليس لها الصدى المطلوب هناك.
الأمر الأخر المستغرب ان غالبية من يريد ان يجري فحص الحامض النووي يرسل تحليل "DNA" إلى شركات غربية وأجنبية وبأسعار مغرية، وآنذاك من الطبيعي جدا ان تصبح تلك البصمات الجينية والوراثية في جعبة الدول الأخرى، مع احتمالية ان تستفيد منها لاستخدامات قد تكون سيئة أو ايجابية في بعض الأحيان، وهذا ما يسعى إليه المتقدم اليوم وهو يحث الخطى نحو تطوير الهندسة الوراثية، التي لولاها لما تمكن العالم من إنهاء ملف العديد من الأمراض المستعصية والوراثية.
ختاما ان جميع الاعتراضات الواردة الآن هي تخص معطى واحد فقط وهو استخدام هذه البيانات للسيطرة على البشر والإضرار به، إما ما عدى ذلك فليس هناك من اعتراض خصوصا ما يتعلق منه بالجانب الطبي والأدلة الجنائية واثبات النسب، هذه ليس عليها أي خلاف، الخلاف الحقيقي ليس على الجانب الطبي بل على الجانب الأخلاقي.
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights