انتقد مركز حقوقي موقف المنظمات الدولية من الجرائم التي ترتكبها التنظيمات المتطرفة في العراق، معتبرا صمت هذه المنظمات أو تقليلها من الجرائم التي ترتكبها الجماعات الارهابية يعزز من قدرة الأخيرة على تضليل الرأي العام ويفسح المجال أمامها لتجنيد المزيد من المخدوعين بشعاراتها الدينية والطائفية.
وطالب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في حلقة نقاشية نظمها حول الموقف الدولي من جرائم الإبادة التي يتعرض لها عراقيون شيعة على أيدي الجماعات الارهابية، وإمكانية ملاحقة هذه الجماعات والدول والأشخاص الذين يدعمونها.
طالب المنظمات الدولية بتحرك واسع لتعرية الجماعات المسلحة وإدانتها وتوثيق الجرائم التي ترتكبها في العراق، وقال أحمد جويد مدير المركز" بعد سيطرته على محافظة نينوى ومناطق أخرى في ظروف غامضة أقدم تنظيم داعش او ما تعرف بالدولة الاسلامية في العراق والشام على إعدام 1700 من الجنود والمدنيين الشيعة كانوا في قاعدة تدريب في تكريت وأظهر عناصره بهجة واضحة بهذه المجزرة".
مضيفا أن مواقع مقربة من التنظيم الارهابي عرضت صوراً لمقاتلي التنظيم اثناء عمليات إعدام جماعية لعدد كبير من أفراد الجيش العراقي والمتدربين الذين وقعوا في أيديهم بعد اجتياحهم محافظات عدّة في شمال البلاد.
موضحا أن مقاتلي "داعش" قسموا المعتقلين والأسرى لديهم بعد اجتياحهم نينوى وتكريت وديالى إلى قسمين الاول هو الجنود والمدنيين السنة وقد صدر العفو عنهم من قيادات التنظيم، بينما تم اعدام القسم الآخر والذي ضم الجنود والمدنيين الشيعة.
ولفت جويد، إلى أن الاحداث تطورت لاحقا بشكل مأساوي وتمت مهاجمة المدنيين الشيعة وحتى السنة في بعض المناطق التي رفضت الاستسلام ومبايعة تنظيم داعش، وقام أفراد هذا التنظيم بمهاجمة القرى التركمانية القريبة من مدينة كركوك وخصوصا في تلعفر، وقرية بشير وسهل نينوى وقتلوا اكثر من 200 تركمانياً من الطائفة الشيعية، كما ارتكبوا العديد من عمليات الاغتصاب ضد نساء شيعيات ومسيحيات وسنيات في الموصل.
ولفت جويد الى ان التقارير الواردة من قرية بشير التركمانية في نينوى نقلت قصصا مروعة عن عمليات التعذيب التي يتعرض لها المواطنون الشيعة والمسيحيون قبل قتلهم من قبل داعش، وقال"قام تنظيم داعش بتقطيع أوصال بعض الضحايا من النساء والاطفال قبل اطلاق النار عليهم ودفنوا بمقابر جماعية".
في ذات السياق، لفت استاذ القانون بجامعة كربلاء، ضياء الجابر وقد كان محاضرا في الحلقة النقاشية، الى ان العراق يجب ان يتحرك سريعا في المحافل الدولية للتعريف بالجرائم التي ترتكبها الجماعات الارهابية في بعض مناطق البلاد، وبين أن العديد من المحافل الدولية واقعة تحت تأثير وسائل الإعلام المغرضة التي تصور داعش على انهم" ثوار عشائر".
وقال" على الحكومة العراقية أن تجمع الادلة والبراهين التي تمكنها من التعريف بهوية الارهابيين الذين يتحصنون في بعض المدن العراقية" مضيفا أن هذه المجاميع الارهابية جاءت من خارج العراق وهناك مؤشرات على تلقيها دعما من قبل دول وشخصيات نافذة في المحيط العراقي.
وقال" يمكن للعراق ان يكون أكثر فاعلية في هذا المجال ويذهب الى المحافل الدولية بعد أن يجمع أدلة تدين الجهات الداعمة لهذه الجماعات".
وتخلل الحلقة النقاشية مداخلات وتساؤلات من قبل الحاضرين من أكاديميين وإعلاميين، وقال مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، الشيخ مرتضى معاش" لابد ان تنهض المنظمات غير الحكومية في العراق ولاسيما الحقوقية منها بواجب ملاحقة الارهابيين وأرشفة جرائمهم والتقدم الى المحافل الدولية لتجريمهم والحد من الدعم الذي يتلقونه من دول وأشخاص".
مضيفا أن العمل الدبلوماسي وحده لا يكفي بل لابد من تصدي منظمات حقوقية لهذه المهمة وقال" العالم يثق بالمنظمات والمراكز الحقوقية وهذا ما يجب ان تضطلع به المراكز والمنظمات المعنية بحقوق الانسان في العراق".
بدوره لفت الدكتور خالد العرداوي، وهو استاذ بالقانون الدولي، الى ان العراق لا يمكنه مقاضاة الدول التي تدعم الارهاب دون توفر أدلة دامغة، وبين ان جمع الادلة يحتاج إلى جهود وتخصص وتحرك دولي رصين وقوي لإقناع المجتمع الدولي بمسؤولية دول او جماعات اخرى تدعم الارهاب في العراق.
وانتقد عدد من المتداخلين الدبلوماسية العراقية ممثلة بوزارة الخارجية وسفراء العراق وممثله في الأمم المتحدة لعدم تحركهم للتصدي لما يتعرض له العراق من هجمة إرهابية كبيرة، وقال الصحفي غانم عبد الزهرة" من المخجل حقا أن لانسمع لوزير خارجية العراق صوتا ولا نرى له حركة دولية لحشد التأييد ومساندة الحكومة العراقية ضد الجماعات المسلحة".
مضيفا أن المحاصصة جعلت من مناصب الدولة مترهلة ولا تقوم بمهامها على أكمل وجه، مطالبا الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة الترهل في مفاصل الخارجية العراقية، وقال" في الوقت الذي يُذبح العراقيون بأيدي الإرهاب يكتفي سفراء العراق في الخارج بحضور الولائم وتبادل الزيارات ولم نسمع لهم تصريحا واحدا يساند بلدهم".
واوصت الحلقة النقاشية الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات في المحافل الدولية وتوثيق الانتهاكات التي تحدث وحدثت وتقديمها في ملفات رصينة الى الجهات الدولية ومعاملة الدول بالمثل والاستفادة من القوانين والمواثيق الدولية في التصدي للجماعات الارهابية.
كما أوصت حكومة العراق بممارسة مهامها الدبلوماسية وبما يتناسب وخطورة المرحلة التي يمر بها العراق.