مقالات

الحكومة الإلكترونية لتحسين الخدمات العمومية

   يُفرق أصحاب الاختصاص بين مصطلح (الحوكمة الإلكترونية) ومصطلح (الحكومة الإلكترونية) فالحوكمة الإلكترونية هي سلسلة العمليات والإجراءات القانونية التي تقوم بها الحكومة، بهدف تنظيم المعلومات والمخاطبات والمستندات بين الحكومة والمواطن، وتأمين سبل حفظها وأرشفتها بالاعتماد على تطبيقات تكنولوجيا المعلومات.

أما الحكومة الإلكترونية، فهي خدمة الإلكترونية مقدمة من الحكومات لمواطنيها بالاعتماد على مخرجات عملية الحوكمة الإلكترونية، وتهدف إلى تبسيط إجراءات إنجاز التعاملات الرسمية بين الحكومة من جهة، ومواطنيها على مستوى الأفراد والمنظمات والدوائر الحكومية الأخرى بشفافية عالية، بالاعتماد على بوابات الإلكترونية تفاعلية مؤمنة بشكل كامل، وتغذى بشكل مستمر بناتج عمليات الحوكمة.

وبناء عليه يمكن القول إن الحوكمة الإلكترونية هي إجراءات حكومية، والحكومة الإلكترونية هي خدمة حكومية، بمعنى آخر أن الحوكمة الإلكترونية هي مصنع تؤسسه الحكومة، بكل ما يتضمنه من أدوات ووسائل إنتاج جيدة، بينما الحكومة الإلكترونية هي المنتج جيد أو البضاعة الممتازة التي ينتجها ذلك المصنع. ولذلك لا حكومة إلكترونية من دون وجود حوكمة إلكترونية.

إن غاية الحوكمة في القطاع العام هي تعزيز ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها من خلال تحقيق الأهداف الآتية

(1. زيادة نسبة رضا المواطن عن الخدمات التي يقدمها القطاع العام.2. تحقيق مبدأ المحاسبة والمساءلة للدوائر الحكومية وموظفيها والالتزام بالقوانين والأنظمة.3. تحقيق مبدأ النزاهة والعدل والشفافية في استخدام السلطة وإدارة المال العام وموارد الدولة، والحد من استغلال السلطة العامة لأغراض خاصة.4. تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين.5. تحقيق الحماية اللازمة للملكية العامة مع مراعاة مصالح الأطراف ذات العلاقة.6. العمل على تحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية وتحقيق الاستقرار المالي للدوائر الحكومية.7. رفع مستوى قدرات الدوائر الحكومية من خلال تعزيز وتطوير الأداء المؤسسي عن طريق 8. المتابعة والتقييم بشكل مستمر.9. إنشاء أنظمة فعالة لإدارة مخاطر العمل المؤسسي وتخفيف آثار المخاطر والأزمات المالية).

وعليه؛ فمن الواضح أن من دون حوكمة لن يكون المواطنون على علم كاف بجهود الدولة وسياساتها وخدماتها، أو صناع القرار، أو مقدمي الخدمات، وبالتالي لن يكون هناك للتواصل مع صناع القرار أو تقدير أو استيعاب من جانب المجتمع لتلك الجهود. ولن تخرج الرؤى والسياسات والخدمات بصورة تشاركية تعكس احتياجات المجتمع وتوقعاته. ولن تتم محاسبة غير الملتزمين من المسؤولين وغيرهم. ولن تصل منافع الخدمات والسياسات بصورة كاملة وفعالة. وسوف يتم إهدار الموارد نظرا لتدني الكفاءة وانتشار الفساد. ويفقد المواطنون الثقة سياسات الحكومة وخدماتها، وعدالتها، ومكافحتها للفساد، ومساءلتها لغير الملتزمين، ومحاولتها الاستجابة لاحتياجات المواطنين.

وإذا ما أنجزت الحكومة مشروع (الحوكمة الإلكترونية) فإنها لكي تًنجز مشروع (الحكومة الإلكترونية) تحتاج إلى ثلاث مراحل أساسية هي:

1. مرحلة الإعـــلان: المرحلة الأولى في مشروع الحكومة الإلكترونية هي نشر معلومات الحكومة باستخدام تقنية اتصالات الإنترنت؛ وبنشر تلك المعلومات على الإنترنت يمكن للمواطنين ومؤسسات الأعمال الحصول على تلك المعلومات بصورة مباشرة وأسرع. والمعلومات المنشورة قد تحتوي على نماذج ولوائح وقوانين، ووثائق حكومية، وبذلك يمكن للمواطن العادي وأصحاب الأعمال الدخول مباشرة على المعلومات المطلوبة دون الحاجة إلى مشقة السفر مسافات بعيدة إلى مكاتب الحكومة والانتظار في صفوف طويلة لمدة من الزمن قد تتعدى الساعات أو أيام.

2. الـتـواصـل: المرحلة الثانية من إرساء أساس الحكومة الإلكترونية هي إشراك المواطنين في شؤون الحكم من خلال التفاعل مع صانعي السياسة في الدورة السياسية على كل المستويات الحكومية، وبهذا يمكن بناء الثقة العامة بالحكومة. ويمكن لبناء الثقة بين الطرفين أن يكون هناك تواصل فيما بينهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الندوات الإلكترونية التي يمكن فيها السـؤال أو الاستعلام والرد على التساؤلات والاستفسارات. ويمكن استخدام المنتديات الإلكترونية التي تتيح للمواطنين تبادل الآراء وتوسعة دائرة الوعي الوطني حول القضايا العامة المهمة.

3. التـعـامـل: المرحلة الثالثة تتطلب من الحكومة إنشاء مواقع على الوب تسمح لمستخدميها إجراء المعاملات مباشرة مثل تجديد تسجيل الأراضي والعقارات أو بطاقة هوية تصدرها الحكومة كجواز سفر أو غيره. والحافز الأكبر للحكومات في هذه الحالة هو استغلال الخدمات التي تتيحها تقنيات المعلومات والاتصالات في تسهيل الإجراءات البيروقراطية والإجراءات التي تتطلب عمالة كثيفة لإنجازها. وبهذا يمكن الزيادة في الإنتاج على المدى الطويل مع الخفض من النفقات.

كذلك يمكن برمجة العمليات والإجراءات بحيث تسير بصورة تلقائية دون حاجة لتدخل بشري خاصة في عمليات زيادة الدخل مثل تحصيل الضرائب وجمع الغرامات. وبهذا يمكن للحكومات استئصال آفة الفساد وتحسين مستوى العائدات مع رفع مستوى ثقة الناس بها. غير أن هذه المرحلة ليست بسيطة ولا رخيصة، بل قد تقتضي تغيرات جذرية في إطار العمل القانوني وفي تنظيم العمالة الحكومية.

نخلص مما تقدم أن قيام الحكومة بحوكمة مؤسساتها، والوصول إلى حكومة الإلكترونية جيدة يمكن أن يحقق لها العديد من الفوائد، ومنها:

1. الفوائد الاقتصادية: من حيث توفير المال والوقت والجهد على جميع الأطراف المتعاملة بالحكومة الإلكترونية. وتوحيد الجهود بدلاً من تشتيت الجهود، وازدواجية بعض الإجراءات في الحكومة التقليدية، حيث يتم جمع الجهود وتوحيدها في بوابة إلكترونية واحدة. وفتح قنوات استثمارية جديدة من خلال التكامل بين الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، وذلك عن طريق استخدام التطبيقات التقنيات والتبادل الداخلي للبيانات نفسها.

2. الفوائد الإدارية: من حيث القضاء على البيروقراطية والروتين الذي يوجد في الحكومة التقليدية، مما يحسن أداء الموظف، ويدفع الإدارة إلى العمل بروح الفريق الواحد المنسجم بحكم برامج الحوكمة الإلكترونية الموحدة، مما يسهل عملية الرقابة والإشراف على أداء موظفي المؤسسة الحكومية.

3. الفوائد الاجتماعية: من حيث تحفيز المواطنين لاستخدام الحكومة الإلكترونية، وبالتالي إيجاد مجتمع معلوماتي قادر على التعامل مع المعطيات التقنية ومواكبة عصر المعلومات. وتسهيل التواصل الاجتماعي من خلال التطبيقات الإلكترونية كالبريد الإلكتروني وغيره. وتفعيل الأنشطة الاجتماعية المختلفة عن طريق استخدام التطبيقات الإلكترونية الكثيرة.

 

http://ademrights.org

ademrights@gmail.com

https://twitter.com/ademrights

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات