عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية ندوة حوارية تحت عنوان (تعزيز الأمن القضائي مقدمة لضمان الحقوق والحريات)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
المداخلات
شروط الأمن القضائي ومؤهلات القاضي
الدكتور ضياء الجابري، أكاديمي وباحث:
"الأمن القضائي هو جزء من الأمن القانوني والأمن القانوني يعتبر أوسع واشمل والجزئية الذي يركز عليها البعض الأمن القضائي الذي هو أشبه بالأمن الاقتصادي وغيره من ناحية التسمية، وان هذه التسميات بدأت حديثاً قبل عشر سنوات أو أكثر، والأمن القضائي معناه هو الاطمئنان للمؤسسة لكن لابد من البداية مع المؤسسة وليس كل إنسان يصبح قاضياً بل يجب وجود مؤهلات ليتولى هذا المنصب فهل نحن بالعراق لدينا التنظيم القانوني الصحيح السليم لتولي هذه المهمة التي هم من أعظم المهام واكبر المهام لأنه يقضي بين الناس بل يحافظ على الحقوق والحريات بل يحمي الشرف وشرف الجميع دون استثناء، بالتالي من المفترض إن تكون هناك صفات خاصة وشروط خاصة لمن يتولى هذا الأمر ولهذا الشريعة الإسلامية أو الفقه الإسلامي تشدد كثيراً بخصوص من يتولى سدة القضاء، ويجب إن يكون هذا القاضي مُلماً ولديه من الإمكانيات والمهارات بالإضافة إلى التنمية والتطوير وصحيح انه يجتهد ليصل إلى قناعة معينة ثم قرار، ولايمكن إن يتم ذلك ما لم يوجد أساس صحيح وهذا الأساس الجهة القضائية هي المسؤولة عنه والقاضي مسؤول عنه، وأيضا من المفترض الدولة كذلك مسؤولة عنه وتطور هذه الأشياء من خلال الحاقه بدورات والمطالبة بكتابة بحوث وبيان المشاكل التي يرصدها من خلال الواقع الفعلي للقضاء.
وفي ظل وجود نص قانوني محدود ووقائع غير محدودة من خلال الواقع والتطبيق فالحل البديل هو الاجتهاد القضائي وهذا الاجتهاد من المفترض إن يتم ولكن وفق أسس وهذه الأسس متوفرة في القاضي والقاضي لا يعلم أو ليس لديه المعلومة الكافية لكيفية هذا التفسير استناداً لثوابت وقواعد أساسية مهمة في عملية التفسير، ابعد من ذلك يصل إلى التأويل وهذه هي المشكلة الكبرى فبالتالي البعض من الأشخاص قد لا يعي بشكل كامل بتفاصيل هذه الأشياء، وهذا يحتاج إلى قواعد أصولية وقواعد فقهية، وبالتالي القواعد القانونية تعزز طريقة الالتحاق بالمعهد والدروس أو المناهج الموجودة حتى تنمي عنده المهارات والقدرات التي ينطلق منها، وإذا ما توافر الأمن القضائي سيشعر المواطنون بالاطمئنان للقضاء الذي هو الحامي للحقوق والحريات.
ونحتاج إلى خطوات كثيرة حتى نؤسس لبداية الأمن القضائي الذي نطمح له، ومن المسائل التي تحقق الأمن القضائي هي تخصيص هذا الأمن من خلال تخصيص الحالات التي يتطرق لها قد يكون اختصاص قضائي أو إداري أو قانوني وكل اختصاص فيه عدة اختصاصات منبثقه منه، وكذلك من المسائل المهمة للأمن القضائي هو وجود الرقابة، الحق في الطعن ثم الرقابة على القرارات الصادرة كضمان لجميع المواطنين، فبالتالي الابتعاد عن كل السلبيات التي ترافق عمل القاضي.
وبين الحين والآخر هناك إشكالية رافقت عمل القضاء في مجال معين أو رافق عمل القضاء بعض الإشكاليات التي هي سلبية يعاني منها، والرقابة قد تكون من جهاز معين مثل الإشراف القضائي لدينا أو نفترض مجلس القضاء الأعلى أو الرقابة على مستوى القرار والموضوع من الناحية القانونية وهو ما يراقب التصرفات الشخصية، وان دستة الأمن القضائي موجودة من خلال وجود النصوص الدستورية في صلب الوثيقة والعبرة ليست في النص والمشكلة كثرة النصوص والتطبيقات تكون فيها إشكاليات، والكل يتحدث عن استقلالية السلطة القضائية، والقضاء لا ننظر له من جانب القاضي فقط يعني من يتولى الفصل في النزاعات بل الوجه الأول هو القضاء والوجه الثاني الادعاء العام.
وعندما ننظر للقضاء بنسبة ٩٠٪ نرى الذكورية غالبة وفقا للشروط والمعطيات إذن ما المانع من تفعيل المؤسسات المتعلقة بالأسرة والمشاكل الاجتماعية وبالتالي إفساح المجال بشكل اكبر للكادر النسوي على مستوى القضاء ومستوى التحقيق، وان الادعاء العام له الدور الأكبر في تحقيق الأمن القضائي، والأمن القضائي هو المحرك والدافع لنقل النص القانوني ونحتاج فهمه بشكل صحيح ودقيق وفعلي، لابد من مراعاة مبدأ الشرعية عندما يعمل القاضي في مجال محدد ويجب إن يكون مبدأ الشرعية حاكم، إي يكون متقيد بها، إما بخصوص مؤسسات المجتمع المدني فهي تحتاج إلى نوع من الرعاية والدعم لكي تصل الى الهدف الأساسي لحماية الحقوق والحريات".
الامن القضائي نتيجة للحكم بروح القانون
الشيخ مرتضى معاش:
"يمكننا القول ان القضاء أقدم من الدولة، إي ان المجتمع احتاج إلى القضاء لحل النزاعات، وان مفهوم الأمن القضائي معناه تحقيق الأمن والعدالة والإنصاف، وعلاقة القضاء بالقانون علاقة أساسية فلا يمكن إن يكون هناك قانون بلا قضاء فالقضاء هو الذي يعطي للقانون جدوائيته، والقضاء يحقق الامن عندما يعمل بروح القانون وتحكيم الصلح والوفاق المجتمعي ومن ثم يتحقق الأمن الاجتماعي والقانوني، بالنتيجة استقرار السلم المجتمعي، فاختلال القضاء يعني اختلال القانون فيصبح القانون لا معنى له حينئذ بل يصبح سيفا مسلطا. وإذا كان هناك نظام ديكتاتوري يكون القضاء في جيب الحاكم وليس في مصلحة المجتمع فيصبح القضاء مجرد وسيلة من وسائل الحكومة تستخدمه لقمع الناس وترهيبه وبالنتيجة سلب الحريات والحقوق.
ومن اهم الطرق لتحقيق الامن القضائي هو تقليص البيروقراطية الى الحد الأدنى وذلك من خلال حل النزاعات عبر اللجان الاهلية، وفي الشرع لدينا قاضي التحكيم الذي يفصل في المنازعات الاهلية قبل وصولها للقضاء الرسمي حيث يحل القضايا بالصلح والمصالحة بين الناس، كما نرى ذلك أيضا في (الفصول العشائرية)، وبعض الدول الاسكندينافية لديها لجان اجتماعية تقوم بالتحكيم في النزاعات قبل ان تصل الى القضاء وهذا نفسه كان موجودا في العهد الملكي كما ذكر ذلك المرجع الراحل السيد محمد الشيرازي).
إن كان القضاء مرتبط بالدولة فالمفروض إن يكون لدينا تطور في العمل الأكاديمي في عملية بناء القضاة وان يكون القاضي مستقلا استقلالا تاما وحياديا ومهنيا وانسانيا غايته الصلح والمصالحة وقضاء حوائج الناس بالانصاف، من هنا كانت هناك حاجة أساسية في توفر الشروط التي ذكرها الشرع ويؤكدها العقل وهي إن يكون القاضي مجتهدا ورعاً متقياً عادلاً، وفي اخلاقه ان يكون منصفا لينا هادئا وليس حادا ومزاجيا ولاتأخذه الأهواء والعناد والسلطة والتعصب، فالأمن بجوهره يقوم على اللاعنف".
وتشكل البيروقراطية ارهاقا كبيرا للمواطن في الحصول على حقوقه، لذلك يمكن لمنظمات المجتمع المدني ان تعالج الازمة البيروقراطية عبر حل القضايا خارج المحاكم الرسمية ولكن بشرط تمكينها من خلال التعاون المشترك مع القضاة.
مقدمات الأمن القضائي
الدكتور حميد مسلم الطرفي:
"ثلاث قوى ترتكز عليها الدولة يقع في مقدمتها قوة القضاء وتليها قوة التنفيذ ثم قوة التشريع، الأمن القضائي الشامل مصطلح فني في صياغته ونفسي في أثره فهو فني لأنه يجمع بين هدف القضاء وفي مقدمته الأمن وشمولية القضاء لمختلف النواحي والاتجاهات أفراداً ومجتمعات، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، مدنيين وعسكريين… الخ، كما إنه مصطلح نفسي يبعث على الشعور بالطمأنينة والاستقرار والثقة بالمستقبل وعدم الخوف منه، إذ لا شيء يعدل أثر استشعار العدل في النفوس في تحقيق رضا الإنسان وأمنه وأمانه لذا فحريّ بكل شعب أو أمة أن تبحث جدياً في كيفية تحقيق الأمن القضائي الشامل بينها إذا كانت تريد أن تتقدم وتتحضر وفي ظني أن السبيل إلى ذلك بأمور:
الأول: فصل القوى أو السلطات الثلاث في الدولة وبما يؤدي إلى قوة الدولة لا إلى ضعفها ففصلها لا ينبغي أن يكون في تنازعها فيما بينها ومحاولة كل واحدة منها تكبيل الأخرى وصدها عن تحقيق مهامها، بل فصلها يعني مراقبة أحداها للأخرى ومنع استبداد أحدها بالقرار، لأن الاستبداد يعني الظلم والتعسف في استخدام الحق، وكما قال مونتسكيو السلطة المطلقة مفسدة مطلقة فكل سلطة تراقبها سلطة أخرى تقف في موازاتها في حمل الدولة والسير بها.
الثاني: إنفاذ القانون، إذ يعد القانون واحداً من أهم عوامل ضبط النفس البشرية وردعها عن ارتكاب الجريمة وتهديد المجتمع فقد ليردع الدين والأخلاق والضمير فرداً ما ولكن تردعه العقوبة التي أوجدها القانون.
الثالث: ولأن القانون قد لا يستطيع أن يصل إلى كل الجرائم في البيت والمعمل، جرائم السر والعلن، ولكي لا تواجه المؤسسات القضائية كماً هائلاً من المنازعات والجرائم فيحيد بها عن العدل، لا بد من إشراك عملية التنشئة الأخلاقية ومعززاتها من الدين أو غيره كزراعة مفهوم الضمير لدى الأفراد لكي يكون رادعاً ملازماً لهم من شأنه أن يعزز الأمن القضائي الشامل.
أما ما مدى قدرة منظمات المجتمع المدني على تحقيق الأمن القضائي الشامل فأنا هنا أركز على المنظمات النقابية لكل مجالات العمل، عمال، فلاحين، مهندسين، أطباء …الخ، فإنها تلعب دوراً حاسماً في الدفاع عن المنتمين إليها أمام القضاء وتوظيف الرأي العام لرفع الحيف عن أفرادها فكلما تعددت النقابات وأدت واجباتها اتجاه المنتمين لها كلما ساهمت في تحقيق العدل أو على الأقل إشعار القضاء بالرقابة. وإذا ما تخصصت منظمات مجتمع مدني في الدفاع عن حقوق بعض الفئات تحقيقاً للعدالة فذلك أيضاً يساهم في الأمن القضائي الشامل خاصة عندما تكون هذه المنظمات غير ربحية وخيرية حقاً وحقيقةً لأهم لها سوى الدفاع عن حقوق المظلومين رجالاً ونساءً".
مساهمة الأفراد والجماعات
الباحث حسن كاظم السباعي:
"مع كل ما قيل و يقال عن ضرورة الأمن القضائي ومتطلبات وسبل الحصول عليه إلا أن القانون الأهم عمومًا هو مساهمة الأفراد والجماعات على حفظ العدالة، وتحقيقها بكل أمان ودون خوف من الطرفين القاضي والمتهم؛ في المجتمع والبلاد عامة، فما لم يرضخ الناس لحكم القاضي العادل فإن الجرائم ستزداد، وقد يُهدد القضاة فقط لنزاهتهم؛ وما جريمة قتل مدير بلدية كربلاء إلا نموذج حيث رغم أنه حصل خارج جهاز القضاء ولم يكن الأمر بين قاضي ومتهم لكن يحتمل حدوث مثيلاته عند من لا يريد أن يقف عند حده ويتجاوز القانون أولا يرضخ لحكمٍ ما، من هنا فإنَّ إصلاح القاعدة المجتمعية أمر أساسي، وذلك عن طريق التوعية والنصح والتحذير، فمغبة الجرائم لأتفه الأسباب خطيرة جدا، لا يتأتى ذلك إلا من خلال التثقيف والتوعية الشاملة من مختلف المسؤولين ابتداء بالأسرة وتربية الأبناء إلى أكبر إدارة، وفتح باب التظلم والشكوى حتى على القاضي نفسه من خلال التظلم عليه وما شابه، فمتى ما شعر الشعب أن هنالك سلطة فوق القضاء تدين القضاء إن ظلم فرضا؛ حيث سوف يتوجهون لأخذ العدالة ممن هو فوقه، أيضا من حق المتهمين توفير المحامين المجانيين لهم إن لم تسمح ظروفهم باستئجار أحدهم لدرء المتاعب الناتجة من الشعور بالظلم والقهر والحنق.
وهذه مهمة ملقاة على مؤسسات المجتمع المدني وكذلك النخب الثقافية الأخرى وعلى من هم فوق القضاء، وباختصار؛ فلو كان جهاز القضاء يتمتع بكل المواصفات المطلوبة للأمن القضائي من العدالة والنزاهة والاستقلالية والحيادية، لكن الطرف الآخر المتهم والمجتمع، لا يلتزم بالقرارات أو لا يرضخ للحكم الصادر فسيتصرف بتصرف مشين وبأساليب مختلفة من ضغوطات أو مغريات، فذلك أيضا يهدد الأمن القضائي بشكل أو بآخر".
لا عدالة في مجتمع بدون نظام سياسي نظيف
الدكتور محمد مسلم الحسيني:
"العدالة مفردة واسعة المعالم والآفاق وتعني الحكم بالحق، فالحق رغم أنه نسبي المفهوم وتتباين آفاقه من مكان لآخر ومن زمان لآخر، غير أن المفهوم العام متفق عليه في كل زمان ومكان، الحكم بالحق هو هدف إنساني أخلاقي بحت من أجل بناء مجتمع متوازن في حقوقه وواجباته، يتسم بسمو القيم الأخلاقية والإنسانية في الإنصاف والمساواة وحقوق العيش الكريم وحماية الحقوق الفردية والعامة، تستنبط العدالة جوهرها من القيم العقائدية من جهة ومن القوانين الوضعية السائدة في المجتمع والتي تضعها الدولة من جهة أخرى.
وتتضمن هذه صنوف العدالة بأنواعها القضائية والاجتماعية والسياسية والعقائدية والاقتصادية والتعويضية وغيرها، من أجل أن تنجح العدالة في مجتمع ما ومن أجل أن تترسخ فيه على أسس متينة وغير واهية فلابد من وجود نظام سياسي متين واعي كفوء أخلاقي متربي على رؤى العدالة وأصولها راقي الضمير وسليم الوجدان يخاف الله واقعا لا تمويها ورياءا! فلا عدالة في مجتمع بدون نظام سياسي نظيف ولا نظام سياسي نظيف بدون عدالة. فإن وجدت أحدهما في مجتمع فسترى الثاني وان افتقدت أحدهما فيه فلن تجد الثاني!، علاقة جدلية لا مفر منها".
أهمية الأمن القضائي للنظام السياسي
الدكتور حسين السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:
"نحن عندما نتكلم عن الأمن القضائي نتكلم عن امن غير تقليدي بشكل عام يخص الدولة ككل، وهذا ما يكون ضمنه الأمن القانوني والبيئي والاقتصادي وكذلك أمن الإفراد كله يدخل ضمن هذا الإطار، ودور وشفافية الفضاء ودوره في تدعيم النظام القضائي، وان النظام الديمقراطي يختلف فيه القضاء عن النظام الديكتاتوري، فقد كان النظام بالعراق قبل ٢٠٠٣ فيه مجلس قيادة الثورة هو من يقوم بالدور التشريعي وكذلك التنفيذي في نفس الوقت ومسيطر على كل مفاصل الدولة وكل مؤسساتها، واليوم العراق في ظل النظام الديمقراطي أصبح فيه القضاء سلطة مهمة في ظل هذا النظام السياسي إضافة للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وان مبدأ استقلالية القضاء يعتبر مبدأ مهما إذا ما توفرت الأطر التشريعية والقانونية الخاصة به، فموضوع الأمن القضائي ودوره في تدعيم بنية النظام السياسي أصبح مهم جداً ولذلك الأمن القضائي يعتبر مهم للنظام السياسي، وحتى التجربة المصرية لولا المؤسسة القضائية لكانت مصر اتجهت إلى اتجاهات أخرى لأن الوضع المصري كان معقدا جداً، واليوم بالعراق أيضا قراءات المحكمة الاتحادية وسلوكياتها وتصرفاتها تجاه القضايا المرفوعة إمامها والدعاوى التي تفصل فيها والمرتبطة بالقضايا السياسية والدستورية تعتبر مهمة جداً ولو لم تكن موجودة او لم يكن القضاء على قدر كبير من الاستقلالية والشفافية لكان العراق ذهب لاتجاه خطير جداً، لاسيما ان الدولة اليوم في مرحلة تحول أو انتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي وهذا التحول او الانتقال يحتاج الى السلطة القضائية كداعم رئيسي أو أساسي من بنى النظام السياسي في العراق.
والمؤشر على السلوك القضائي ربما وجود الأفراد غير النزيهين في القضاء وان مجلس القضاء قد يخضع لتأثيرات سياسية أو غيره، وقبل هذه الفترة كان يخضع لمحكمة التمييز والمحكمة الاتحادية وغيرها من ضمن الأحزاب، ولكن في المستقبل نتأمل خيراً إن القضاء يبتعد عن التأثيرات السياسية وان أول الخطوات باتجاه تدعيم الأمن القضائي هو استقلال القضاء فعلاً من جانب الحكومة وأيضا من جانب السلطة التشريعية، ولابد للقوى السياسية في العراق إن تدرك ذلك وان استقلالية القضاء إن كان فيه مضرة لها في هذه المرحلة ربما في مرحلة أخرى هو يكون مفيد لها، ووقوف السلطة القضائية على الحق أو المحكمة الاتحادية والمحكمة الدستورية على الحق هو داعم أساسي للنظام السياسي، لكن المشكلة إن القوى السياسية تضغط كثيراً على السلطة القضائية.
وتعتبر منظمات المجتمع المدني سلطة رقابية وتقوم المسار لكل السلطات في الدولة وبالتالي وجودها لابد إن يكون له تأثير في الرأي العام حالها حال الإعلام، وممكن إن يتواصل مع الإعلام وان منظمات المجتمع المدني داعم أساسي للقضاء وتقويم استقلال القضاء لإبعاد التأثير السياسي عن القضاء"
غياب الأمن القضائي لعدم الاستقرار
الدكتور قحطان حسين طاهر؛ أكاديمي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"لا شك إن الأمن القضائي هو مهم جداً للإنسان لأنه يخلق شعور لدى المواطن بوجود قضاء عادل ومستقل قادر على رفع الضرر وقادر على رفع إي انتهاك يتعرض له حقوق إي فرد، لكن عند تقييم الواقع نجد إن الأمن القضائي لا يمكن إن يتحقق بشكل تام ومطلق مهما كانت المحاولات من هذه المؤسسات أو من هذه السلطة أو من هذه الجهة، لعل السبب الأساسي الأول لغياب الأمن القضائي هو عدم الاستقرار القضائي وهو مرتبط بشكل وآخر بالأمن السياسي ومرتبط بالأمن التقليدي ومرتبط أيضا بالأمن الاجتماعي فإذا كانت السياسة بشكل عام مرتبكة والأمن غير متحقق ووجود حالة من الفوضى الاجتماعية ما يؤدي إلى تأثير بشكل واضح وسلبي على الأمن القضائي لأن الأمن القضائي مرتبط بالمؤسسات القضائية ومرتبط بعمل القضاء، فإذا كان القضاة يشعرون بوجود مهددات وإخطار تحدق بهم من قبل المجتمع او العشائر من قبل الأحزاب السياسية فهذا ما يجعل القاضي غير قادر على العمل في بيئة وظروف يستطيع بها إن يطبق القضاء والقوانين بحذافيرها وبشكل مهني وموضوعي ومحايد، وبالتالي الأمن القضائي يعاني من مشكلات من أهم هذه المشكلات هي عدم استقلال القضاء بسبب الاستقرار الأمني والسياسي، والاستقلال في القضاء هو مقدمة وممهد لوجود امن قضائي.
لكن الذي يلاحظ في الواقع إن السلطة التنفيذية وهي تمثل الوجه السياسي للسلطة بدأت تؤثر أو تحاول إن يكون لها تأثير كبير جداً على عمل السلطة القضائية والدلائل والشواهد كثيرة جداً، والكل يعرف إن القضاء منذ فترة طويلة ليس في الوقت الحالي أو الذي قبله بل حتى قبل سقوط النظام والنظام السابق كانت السلطة التنفيذية تؤثر وبشكل سلبي على عمل القضاء، وبالتالي تفقد السلطة القضائية ميزة الاستقلال اللازمة للحيادية والموضوعية، وكذلك غياب النزاهة في العمل القضائي وان غياب النزاهة تأتي من القاضي لأسباب تكون ليس لمصالح شخصية ولطبيعة القاضي ومعتقداته وسلوكياته وثقافته بل نراه غير قادر على توفير النزاهة بعمله لتدخلات سياسية، وأحيانا تأتي عدم النزاهة من الإفراد العاملين في سلك القضاء، وبالتالي إذا شاب هذه المؤسسات سلوك غير نزيه في القضاء بالتأكيد سيمتد هذا السلوك غير النزيه إلى عمل القاضي، والقضاء كمنظومة متكاملة إذا فسد جزء منها يفسد الجزء الآخر وان كان الفساد غير مقصود.
وإذا ما عالجنا التهديدات التي تطال الأمن القضائي وعملنا مصدات بالتأكيد سنصل إلى مرحلة نحن فيها قدر معقول من الأمن القضائي تعمل بشكل مهني ومستقل ومحايد وتضمن للمواطن الحق في قضاء عادل لأسباب عديدة، وكذلك يجب ترصين الأمن القضائي سواء كان إفراد أو مؤسسات ونحن نعاني من ترشيح القضاة وإيجاد قضاة بطريقة مشوهة وغير معقولة أو مقبولة، وأحيانا عن طريق الأحزاب وحتى المعهد القضائي أصبح خاضع للمحاصصة، وهذا يعتبر توهين للقضاء عند ترشيح أشخاص لا تتوفر فيهم المؤهلات أو الثقافة القانونية ولا الخبرة العملية الكافية ليكون قاضي، فهذا ما يفقد ثقة المواطن في السلطة القضائية.
إما بخصوص مؤسسات المجتمع المدني وهي تشكل أحد أدوات الرقابة على الدولة وعلى مؤسسات الدولة ومنها السلطة القضائية وتعمل هذه المؤسسات على تنمية الثقافة القانونية من خلال الورش والندوات وتنمية ثقافة المجتمع بشكل عام والإفراد حتى يكونون على دراية في النقص التشريعي والإسهام في تقديم مشاريع وقوانين ممكن إن هذه المشاريع تسهم وتضمن وجود قضاء عادل ومستقل".
معايير القضاء وحصانة القاضي
احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:
"إذا ما كنا نخوض في مفردة الأمن فهي تعني امن الشخص وليس امن القضاء نفسه، وان إي فرد إذا ما تعرض للانتهاك أو لعدم الإنصاف فيلجأ إلى جهة تؤمن له حقه وهذه الجهة التي يتم التحويل عليها هي القضاء، وفي كل دول العالم يتم اللجوء للقضاء للإنصاف من حالة الظلم او الغبن أو إي حالة معينة أخرى، وفي بعض الأحيان القضاء نفسه يتحرك على قضية معينة تمس امن المجتمع أو امن الدولة عن طريق الادعاء العام كما موجود في كثير من الدول، وهناك معايير خاصة بالقضاء وهذا ما نراه من خلال حصانة القاضي في بعض الدول والتي تجنبه الضغوطات السياسية والحكومية وحتى المجتمعية، وفي بعض الدول إن القاضي إذا تولى سدة القضاء لا يمكن إن يوضع له سن قانوني حتى يتوفاه الله، إما بالنسبة للجانب الآخر لحصانة القاضي هي تأمين القضايا المالية اللازمة للقاضي حتى لا يذهب لحالة الرشوة أو غيرها، إما القضايا الذاتية للقاضي نفسه فمن ضمنها المهارة والذكاء والفراسة وحتى لو أخذا هذه القضايا نسبة ٣٠٪ فتبقى ٧٠٪ لنزاهته وأمانته، وان كثير من القضاة يحمل أمور مهنية عالية من الصفة القانونية ولديه ذكاء كبير في تفسير القوانين لكن لا يتحلى بقضية النزاهة أو الأمانة وقد تؤثر في قراره بعض الضغوطات أو الميول أو العواطف.
بالإضافة إلى نوعية التشريعات والمنظومة القانونية التي تساعد الأمن القضائي بشكل كبير حتى يتم توفير بيئة قضائية مناسبة لكي يلجئ الفرد في حال وجود ظلم على حرياته أو حياته هناك من ينصفه من أكبر جهة حتى لو كانت متنفذة وعليا وهو الذي يفصل في القضية، واليوم في العراق هناك ضغوطات سياسية واجتماعية كبيرة على القضاة وهي ما يعانون منه القضاة لسير العملية القضائية بكل حيادية وشفافية".
إطلاق يد القضاء للعمل بشفافية
عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"إذا ما توفرت القناعات لدى المجتمع بأن القضاء هو الحاسم والفيصل في إرجاع الحقوق وهي الركيزة الأساسية الأولى لحصول الأمن القضائي، وحتى إذا ما شعر المواطن بأن القضاء هو السد المنيع على من يتجاوز عليه سنصل إلى مرحلة الأمن القضائي للمجتمع، وان أجزاء أو مقدمات الأجهزة وأعضاء الضبط القضائي وكل الأجهزة المرتبطة بالقضاء كلها مسببات في زعزعة قناعة الناس بالقضاة، ومردودها بالتجاوز على دوائر الدولة وموظفيها، وهذا شعور طبيعي للمواطن إذا ما شعر بأن حقه لا يسترد من قبل القضاء، وهذا ما يجعله يستخدم الطريقة العشائرية أو التجاوز على الموظفين لأنه يرى التجارب السابقة لم تنصفه سواء له أو غيره، لذلك يضطر لسلوك الطرق غير القانونية لأنه لم ير حالة رادعة للموظفين، وهنا العجز ليس من القضاء بل من الأدوات التي أوصلت القضاء إلى إن هذا الموظف لم يكن مقصرا أو غير مرتشي، أو أوصلت القضاء لقرار غير صحيح وبالنتيجة قناعة المواطن مهمة جداً، وكذلك يجب إيصال قناعة للقضاء بأن له مطلق اليد باتخاذ القرار وهذا ما لا يتوفر حاليا في العراق وخاصة بالقضايا الكبرى وان القضاء يأخذ جو القضية بأكملها لذلك ترى بعض القرارات ليس لها لون أو طعم، والقضاء يحتاج إلى ان الآخرين فعلا يطلقوا يده بالعمل، ولابد للقضاء ان يدعم منظمات المجتمع المدني بالدرجة الأساسية ويحميها لأنها عملية تبادل منفعة وان منظمات المجتمع المدني إذا ما تمت حمايتها قضائيا وفق الدستور بعملها الصحيح سيكون دورها بارزا في حماية القضاء وتكوين حماية شبكة حوله بالتالي توفر الأمن القضائي بصورة كبيرة جداً".
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights