بما إن الدستور العراقي تبنى النظام الفدرالي أو الاتحادي الذي يعني الاتحاد بين الوحدات المكونة للدولة والتي تسمى في بعض الأحيان بالولايات أو الكانتونات أو الأقاليم، وما أوجده دستورنا الحالي للعام 2005 من وضع شاذ حيث أعتبر المحافظة من مكونات النظام الاتحادي عندما ساوى بينها وبين الإقليم في الخطاب في العديد من المواد لاسيما المادة (115) وما سواها، والدولة الاتحادية تعني ببساطة اتحاد مجموعة من الأقاليم أو المقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتي تحت ظل حكومة مركزية واحدة مع بقائها متمتعة ببعض مظاهر الاستقلال على المستوى الخارجي أو الداخلي ولذا تحتفظ الوحدات المكونة للدولة الاتحادية لنفسها بوضع دستور وانتخاب برلمان وحكومة وقضاء محلي يمتاز عن نظيره الاتحادي.
فهي تتقاسم مع المركز الوظائف التنفيذية والتشريعية والقضائية، أما المحافظات فهي مجرد نوع من التنظيم الإداري تتقاسم فيه السلطة المحلية مع الحكومة بعض الاختصاصات الإدارية والمالية فحسب فلا تملك دستوراً أو برلماناً أو قضاءً مستقلاً عن نظيره الاتحادي، فوظيفتها تقديم الخدمات المحلية والنهوض بالمرافق العامة القريبة من المواطن.
ولما كانت الدولة الاتحادية تملك على المستوى الأول برلمان جرى العمل في أغلب الدساتير العالمية تبني نظام المجلسين فمن مقتضيات التمثيل الشعبي في البرلمان العدالة وتكافئ الفرص لهذا يتكون البرلمان في مجلسه الأول من ممثلي الشعب كافة بنسبة متساوية من الأفراد الذين يمثلهم النائب ولنفترض كل (مائة ألف يمثلهم نائب واحد) بيد أن الوضع المتقدم لا يلبي طموحات الوحدات التي جمعها الاتحاد لذا يتكون المجلس الآخر من عدد من الممثلين على قدم المساواة بين الوحدات الاتحادية بغض النظر عن حجمها أو عدد سكانها أو إمكانياتها ضماناً لمشاركتها في شؤون الحكم.
والغاية من إيجاد المجلس الثاني بالأساس رسالة اطمئنان للوحدات الفدرالية بان لها القوة التمثيلية ذاتها التي تملكها الوحدات الأخرى بغض النظر عن أي اعتبار آخر، فالدستور الأمريكي للعام 1787 أورد النص على ما تقدم في المادة الأولى البند الثاني ((يتألف مجلس الشيوخ من شيخين عن كل ولاية)) وكذلك فعل الدستور السويسري للعام 1999 الذي نص في مادته (150) على أن ((يتكون مجلس المقاطعات من ستة وأربعين عضوا من المقاطعات))، في الوقت الذي كان الدستور العراقي للعام 2005 غير موفق في صياغته للأحكام المتعلقة بالثنائية البرلمانية فقد افرد لمجلس النواب (15) مادة دستورية فصل فيها العديد من الأحكام المتعلقة بتكوينه ونسبة التمثيل وطريقة الاجتماع وسير العمل والحصانة والمسائل المالية وغيرها ولم يتطرق لمجلس الاتحاد إلا في مادة واحدة فقط أحالت إلى القانون الذي سيصدر عن مجلس النواب تنظيم كل التفاصيل، حيث ورد النص بالشكل الآتي: ((يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى "مجلس الاتحاد" يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب)) والنص المتقدم معيب بشكل لا يخفى على كل ذي لب أو يلقى السمع وهو شهيد، فمن غير المعقول ولا المقبول إن المجلس التشريعي الأعلى ينظم أحكامه المجلس الأدنى ومن غير المقبول أن يتغافل الدستور عن تحديد أهم اختصاصاته بعد أن رصد لمجلس النواب أغلب الاختصاصات الرئيسة ولهذا نقترح على لجنة التعديلات الدستورية تعديل المادة (65) بالشكل الآتي لتتفق مع معايير الدساتير العالمية وتتوافق مع مواد الدستور الأخرى:
المادة 65/ مجلس الاتحاد:
أولاً: يتكون مجلس الاتحاد من عدد من الأعضاء بنسبة (5) خمسة نواب عن كل إقليم و(2) اثنين من النواب عن كل محافظة لم تنتظم في إقليم بغض النظر عن عدد النفوس.
ثانياً: انتخاب مجلس الاتحاد:
1- ينتخب عضو مجلس الاتحاد لمدة (5) سنوات من سكان الإقليم أو المحافظة بطريقة الترشح الفردي ويفوز بالمقعد الحاصل على أعلى الأصوات مع الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية تقسيم الإقليم أو المحافظة غير المنتظمة في إقليم إلى أكثر من دائرة تضم مقعداً واحدا فقط.
2- في حال شغل مقعد لأي سبب كان يتم التعويض من الإقليم أو المحافظة ذاتها بتنظيم انتخابات جزئية على مستوى الدائرة التي ينتمي إليها النائب.
ثالثاً: شروط الترشح لمجلس الاتحاد:
1- أن يكون عراقي الجنسية ولا يحق لمن يحمل جنسية أخرى الترشح قبل تقديم ما يؤيد التنازل عن الجنسية الأخرى إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
2- أن يكون كامل الأهلية وأتم الخامسة والعشرين سنة من عمره.
3- أن يكون حسن السيرة والسمعة والسلوك وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف ولو كان مشمولاً بقانون العفو العام ما لم يرد إليه اعتباره وفق القانون وبحكم قضائي.
4- أن يكون من مواطني الإقليم أو المحافظة بحسب سجلات الأحوال المدنية ومقيماً في الإقليم أو المحافظة بشكل دائم، أو يكون من المقيمين في الإقليم أو المحافظة بشكل دائم ولمدة لا تقل عن عشرة سنوات.
5- أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية أولية في الأقل.
6- أن لا يكون عضواً في مجلس النواب أو المجالس التشريعية في الأقاليم والمحافظات أو شاغلا أحد المناصب العليا والقيادية في السلطة التنفيذية عند الترشح، كما لا يصح ترشح شاغلي المناصب العليا والقيادية في الهيئات المستقلة، والقضاة أو أعضاء الادعاء العام إلا بعد إحالتهم على التقاعد أو قبول استقالتهم، ولا يجوز لمنتسبي القوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية والمخابراتية كافة الترشح إلا بعد مرور (3) ثلاث سنوات على إحالتهم على التقاعد أو قبول استقالتهم.
ثالثاً:
1- يدعو رئيس الجمهورية مجلس الاتحاد المنتخب للاجتماع خلال (15) يوماً من تاريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات ويجتمع بخلاف ذلك في اليوم السادس عشر بقوة القانون، ليقسم جميع الأعضاء اليمين الدستوري وفق المادة(50) بحضور رئيس المحكمة الاتحادية العليا بشكل فردي وعلني، ثم يرأس أكبر الأعضاء سنا الجلسة الأولى لحين انتخاب رئيس ونائبين للرئيس ومقرر للمجلس في الجلسة ذاتها بالأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء.
2- تكون لمجلس الاتحاد في كل عام فصلين تشريعيين أمدهما عشر أشهر على أن لا تتزامن عطلته التشريعية مع مجلس النواب، على أن تكون جلسات المجلس علنية.
3- يتحقق نصاب جلسات المجلس بحضور الأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء وتتخذ القرارات في المجلس بالتصويت بالأغلبية المطلقة لعدد الحاضرين ما لم ينص على خلاف ذلك.
4- يمكن الدعوة لعقد جلسة استثنائية وفق الأحكام الواردة في المدة (58) من هذا الدستور.
5- لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الاتحاد وأي عمل أو منصب آخر ولا يجوز لعضو المجلس بعد إعلان فوزه الترشح لشغل منصب تنفيذي.
رابعاً: يختص المجلس بالآتي:
1- تقديم مقترحات القوانين المعدة من قبل لجانه المتخصصة أو من قبل (5)من أعضائه، وبالخصوص تلك المتعلقة بحقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم لتناقش في المجلس وفي حال الموافقة مبدئياً عليها ترسل إلى مجلس النواب.
2- مشاركة مجلس النواب في سلطة تشريع القوانين، إذ يشترط بعد موافقة مجلس النواب ان تعرض مشاريع القوانين على مجلس الاتحاد لتقرأ وتقر وفق ما يبينه النظام الداخلي للمجلس، وللمجلس الاعتراض على القوانين بالأغلبية المطلقة وإعادتها لمجلس النواب للنظر في القانون أو المواد المعترض عليها، ولمجلس النواب الموافقة على التعديل أو رفضه وفي حال الرفض لمجلس النواب إقرار القانون بأغلبية ثلثين غير قابلة للاعتراض من مجلس الاتحاد.
3- يراقب المجلس أعضاء السلطة التنفيذية في حال حل مجلس النواب أو انقطاعه عن العمل لأي سبب كان وبالوسائل ذاتها المنصوص عليها بالمادة (61/سابعاً).
4- ترتبط الهيئة العامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم بالمجلس.
5- تكون الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية تحت رقابة المجلس، وتقدم تقرير سنوي عقب إقرار قانون الموازنة بالتخصيصات المرصودة للأقاليم والمحافظات سواء المخطط لها في السنة الجديدة أو المنفذة في السنة المنقضية.
6- مساءلة رئيس الجمهورية ونوابه أو رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة وأصحاب المناصب العليا في حال اتهامهم نيابياً بقرار مسبب من مجلس النواب وفق المادة (61/سادساً)وينعقد مجلس الاتحاد برئاسة رئيس المحكمة الاتحادية العليا الذي يتولى إدارة جلسة المحاكمة وإصدار الحكم على الوجه الآتي:
أ- إن المحال على المحاكمة مذنب، فيعتبر معزول عن منصبه بقوة القانون ويتم اختيار غيره وفق السياقات الدستورية والقانونية.
ب- إن المحال على المحاكمة غير مذنب.
7- للمجلس سن نظام داخلي ينظم عمل المجلس واجتماعاته وسير العمل فيه.
8- قبول استقالة أحد الأعضاء أو إقالته في حال أرتكب فعلاً يعد مخالفة جسيمة لواجب النيابة، وحسبما يبينه النظام الداخلي.
خامساً: الحقوق والامتيازات:
يكون لعضو مجلس الاتحاد الحقوق والامتيازات الآتية خلال مدة نيابته فقط:
أ- مكافئة شهرية تعادل ما يتقاضاه المدير العام من راتب ومخصصات تدفع مقطوعة بلا أي أضافات.
ب- جواز سفر دبلوماسي طيلة مدة الدورة التي فاز فيها للنائب الاتحادي فحسب ويسحب منه الجواز حال انتهاء النيابة لأي سبب كان.
ج- يتمتع بالحصانة عما يدلي به من أقوال على ان لا تشكل جرائم وفق قانون العقوبات النافذ أو أي قانون أخر.
د- ترفع عنه الحصانة في الأحوال الآتية:
- الجريمة المشهودة من نوع الجناية
- قرار من مجلس الاتحاد بالأغلبية البسيطة في دورات الانعقاد.
- قرار من رئيس المجلس بغير ما ذكر أعلاه.
هـ- احتساب مدة النيابة خدمة لجميع الأغراض.
سادساً: يحل مجلس الاتحاد محل مجلس النواب في تعديل الدستور وفق المادة 126.
سابعاً: حل مجلس الاتحاد:
1- يحل المجلس بقوة القانون في الأحوال الآتية:
أ- نفاذ تعديل الدستور.
ب- انقضاء الحرب أو حالة الطوارئ.
2- يحل مجلس الاتحاد بمرسوم جمهوري يعقب قرار من المحكمة الاتحادية العليا في الأحوال الآتية: