عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقة نقاشية تناول من خلالها موضوعا تحت عنوان (آليات إلزام السلطات العامة بالاستجابة للمطالب الشعبية)، وذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف صباح يوم السبت الموافق (16/11/2019)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية، ضمن فعاليات ملتقى النبأ الأسبوعي بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في كربلاء المقدسة.
قدم الورقة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، الباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، حيث قال:
"يشهد العراق ومنذ شهر أكتوبر حركات احتجاجات كبيرة جدا، وهذه الحركة الشعبية غير المسبوقة هي ذات أهداف مرسومة ومحددة، حيث تنص على إلغاء المحاصصة والقضاء على آفة الإرهاب التي تعيث في الأرض الفساد، وما إلى ذلك من المطالب التي قد تنسحب لمطالب أخرى ذات صبغة سياسية أو اقتصادية، بيد أن السلطات العامة دائما ما تعتمد اسلوب التسويف أو إجراء بعض الرتوش والإعمال، التي يتمثل أنها تنصاع لمطالب المتظاهرين، إلا أنها لا تعدو كونها مناورة سياسية الغاية منها كسب الوقت وامتصاص زخم التظاهرات، ومن ثم التلاعب بهذه المطالب وعدم تلبيتها أو الاستجابة إليها، وهذا ما يشكل خطورة حقيقية".
"لذلك نلاحظ هذه التظاهرات تزداد بوتيرة طرديه كماً ونوعاً، وانتقلنا بعد ذلك من مجرد تظاهرات إلى اعتصامات وإلى عصيان المدني، والقادم لعله يكون أمر تصعيدي أخر قد يتحول إلى العصيان المدني التام، الذي يشل كل مفاصل الدولة ويلزم القابض على السلطة الاستجابة للمطالب الشعبية، وهذا هو المأمول، بيد إننا نريد اليوم أن نرى بعض الآليات التي يمكن من خلالها إلزام السلطات العامة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين، بدل عملية التسويف، ولكن قبل ذلك نود أن نعرج وبشكل مختصر لبعض النصوص القانونية، التي تعرضت للانتهاك خلال فترة الشهر والنصف الماضية، إي منذ بداية شهر أكتوبر ولحد الآن".
"حيث لاحظنا أن السلطات العامة وبالتحديد مجلسي الوزراء ومجلس النواب ومؤسسة رئاسة الجمهورية، تقوم بجملة من الإعمال لا يمكن وصفها إلا بأنها إعمال ليست لائقة بمستوى الحدث، أو غير متناسب مع مستوى الحدث والمطالب والمشكلة التي يشهدها البلد، الدستور العراقي يؤكد بان الشعب هو مصدر السلطة، وأنه مصدر شرعية هذه السلطة، وهذا بالتحديد ما تناولته المادة (الخامسة) من الدستور، فبالتالي نسأل سؤال هل الخروج بتظاهرة هي مجرد محض حرية منحها المشرع الوطني والمشرع الدولي للمواطن لكي تكون ممارسة عبثية والهاء وقتل للوقت فقط أم أنها مقصودة؟".
"عندما ننظر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام (1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام (1966)، وهذه اتفاقية دولية قد صادق عليها العراق بقانون رقمه (193) لسنة (1970)، أي أنه أصبح جزء لا يتجزأ من القانون العراقي، هذا العهد قبل دستور (2005) ينص في المادة (19)،(على حرية التعبير واحترام حرية التعبير بكل الوسائل واحترام إرادة الإفراد في تلقي المعلومات بأي وسيلة ومن إي مصدر كان)، وفي المادة (21) يؤكد (على حرية التجمع ونسميها نحن حرية التظاهر والاعتصام)، ولا يقيدها بأي قيد واحد ما خلى قيد واحد يتعلق بعدم الإخلال بالنظام وبالآداب، فهل هذا النص عبثي".
"المادة (38) من دستور جمهورية العراق في العام (2005) التي تتكلم عن حرية التعبير وعن الرأي بأنها مكفولة وأن الدولة ملزمة بان تكفلها للجميع، وأيضا لما تقيدها بقيود ما خلي أيضا بالقيد المتعلق بالآداب والنظام العام، فهل هذا عبثي أم نحن نمنح الناس فسحة من الزمن كي يقضوا وقت أطول للنزهة في الشوارع، إما أن هناك غاية من وراء ذلك، الغاية حتما أن هذه هي آلية من آليات الحقوق السياسية، فالشعب كما يملك حقا سياسيا في الانتخاب وفي الترشح والمساهمة في الشأن العام ورسم السياسية العامة، هو يملك حقا سياسيا بالتظاهر للتعبير عن مواقفه، وبالتالي تكون السلطات العامة ملزمة بالاستماع إليه، وإلا في خلاف ذلك فالدستور عبارة عن لغو وأن الحرية هي محض لغو".
"يعني أن المادة (20) في دستور عام (2005) عندما تقول للعراقيين رجالا ونساء المساهمة بالشأن العام، فكيف يكون ذلك إذا رفضنا فكرة الخروج في التظاهرات، فهل معنى عدم الاستجابة إلا إهدار للقيمة القانونية للنص الدستوري الذي كفل للمواطن حرية التعبير عن الرأي والمساهمة بالشأن العام، وبالتالي هذا يثير مسؤولية السلطات العامة في العراق لأنها لم تحترم القيمة القانونية للنص الدستوري، لذلك لهذا السبب البسيط ممن أن نحرك مسؤوليتها، وأن نلجأ للمادة (64) لكي نحل مجلس النواب لأنه لم يحترم الإرادة الشعبية، وأن نلجأ للمادة (61)(سابعا) حتى نسحب الثقة من الحكومة لأنها لم تحترم الإرادة الشعبية، وهذا محض مخالفة سياسية خطير وخطيرة جدا تنم عن استهتار بالإرادة الشعبية من قبل السلطات العامة هذا جانب".
"على الجانب الأخر أن الدستور العراقي نفسه وحينما نقلب صفحاته نجد في المادة (السابعة) وفي فقرتها (الأولى) تتكلم عن حظر حزب البعث المنحل، وفي فقرتها (الثانية) تلزم الدولة بمحاربة الإرهاب بجميع إشكاله، وأن تحمي ارض العراق من أن تكون مقرا أو ممرا لعمليات الإرهاب، فماذا بعد الإرهاب الفكري من إرهاب، وماذا بعد قمع الأصوات من إرهاب، وهل هناك إرهاب يعلو على هذا الإرهاب، وحتى إرهاب التفجيرات لا يعلو على إرهاب الأصوات وإرهاب الناس الآمنين، بهذه الكمية المهولة من القنابل الصوتية والغازات السامة والرصاص الحي والمطاطي، فهذا إرهاب دولة، وهو لا يختلف عن إرهاب داعش وأخواتها من المجرمين المنحرفين".
"بالتالي المسؤول العراقي كيف سيجيب العدالة وهو الذي يأمر بإرهاب المواطن العراقي، الذي هو مسؤول أن يحفظ لهذا المواطن أمنه حريته، وهذه مخالفة صريحة للمادة (السابعة)، أيضا المادة (التاسعة) من الدستور تتكلم عن القوات المسلحة العراقية وقوى الأمن الداخلي سوف تتكون من جميع مكونات الشعب العراقي وإنها ستخضع للقيادة المدنية، السؤال هنا يتمحور حول وظيفة القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، فالمادة (التاسعة) تجيب أنها تحفظ العراق وتدافع عن العراق ولا تكون أداة لقمع الشعب العراقي، وهذا نص دستوري يلزم جميع قادة وضباط ومراتب القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي أن لا يكونوا أداة طيعة بيد الأحزاب، رئيس النظام السابق تم محاكمته وإعدامه نتيجة أحداث الدجيل التي راح ضحيتها عدد من الشهداء، وهي نقطة في بحر جرائم المجرم (صدام حسين)".
"فبعض القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي أصبح أداة طيعة في قمع التظاهرات، وهذه مخالفة لنصوص الدستور فضلا عن كونها مخالفة للشرف العسكري الذي يحمله على أكتافه، بالإضافة إلى ذلك لو ندخل في باب الحقوق والحريات ونجد أن المادة (15) من الدستور تؤكد (على أن الحق في الحياة والحرية والأمن مكفول لجميع الشعب العراقي)، وهذا الأمر يتقاطع تماما مع التصريح الأخير الذي أدلى به وزير الدفاع العراقي حينما قال أن هناك جهة تخطف وتقتل وتعذب المتظاهر العراقي، فأين التزام الدولة بحفظ وحماية امن وحرية وحياة المواطن العراقي".
"إما أن الدستور العراقي وضع ليركن في مثل هذه الظروف، وكذلك لا يجوز الحرمان من الحياة أو الحرية أو الأمن، إلا وفقا للقانون أو بموجب أمر قضائي، وهذا لم يتم الرجوع إليه لان أوامر القتل والاختطاف تتم بشكل إني من دون الرجوع للقضاء، أيضا لو ذهبنا للمادة (17) تتكلم في فقرتها (الثانية) عن حرية المساكن وحرمتها ولا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي، بحجة ملاحقة المتظاهرين تم التجاوز على الكثير من الأبنية والمساكن في العراق، وهذه جريمة بحد ذاتها بحق من ارتكبها ومهما كان العذر، لان المساكن لها حرمة ولا يجوز دخولها وتفتيشها إلا بمقتضى أمر قضائي".
"لو نحينا هذه النصوص الدستورية جانبا وذهبنا للمادة (76/78/85) من الدستور، كل تلك المواد تتكلم عن (المسؤولية التي يتحملها القائد العام للقوات المسلحة بهذا الخصوص وأن يكون تعامل القوات المسلحة متماشيا مع حقوق الإنسان) وهذا إلزام دستوري، فهل من مقتضيات حقوق الإنسان أن نمنع الناس من أن يعبروا عن آرائهم، وهذا سؤال كبير يطرح بهذا الخصوص". "نأتي إلى الآليات التي يجب الوقوف عندها فهناك آليات رسمية أو آليات دستورية أو آليات قانونية، وهناك آليات أخرى غير منظمة، فمن الآليات المنظمة هي ما ورد في الدستور وفي القوانين، من الآليات المنظمة..
إن البرلمان كمبدأ أو كأثر من آثار الفصل بين السلطات، يفترض أن يراقب عمل السلطة التنفيذية ويشكل عليها المشاكل التي تقع فيها ويحاسبها عن هذه المشاكل أو الخروقات التي تقع فيها السلطة التنفيذية، ومنح الدستور والنظام الداخلي لعام (2006) وقانون مجلس النواب (13) لسنة (2018)، منح المجلس النيابي العديد من الآليات منها -على سبيل المثال- الآليات التي وردت في المادة (61)، فلم يطالعنا مجلس النواب العراقي بان يطرح أسئلة على الوزراء الآمنين على اقل تقدير، فلماذا هذا الإفراط باستخدام بعض وسائل القمع للأصوات.
"أيضا البرلمان يجتمع ولم يطرح موضوعا عاما للمناقشة خاصة فيما يتعلق بالأرواح التي تزهق خلال التظاهرات وبشكل يومي، فما سر هذا الانتظار هل تريد أن يسحق جميع المتظاهرين حتى تستضيف القائد العام للقوات المسلحة، للاستفسار عن تلك الخروقات التي تطال المتظاهر العراقي، وهذا الاستجواب قد يطال قادة الجيش والقوى الأمنية أو غيرهم، خاصة وأن هؤلاء النواب مؤتمنون على مصلحة الشعب العراقي، أيضا البرلمان العراقي ممكن أن يستجوب رؤساء الهيئات المستقلة.. (البنك المركزي، هيئة النزاهة، ديوان الرقابة المالية)".
"لان جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب قائمة على قدما وساق في العراق وهذه مسؤولية هؤلاء، فهذه الجرائم لو تم تحييدها في العراق سينخفض الفساد ما دون (20%) أو اقل، هناك أيضا مسؤولية رئيس الجمهورية الذي اقسم اليمين الدستوري بموجب المادة (50) (على انه يقوم بمسؤوليته ومهامه بتفاني وإخلاص وأن يحافظ على مصالح الشعب)، وهذا اليمين الدستوري يوضح لنا وظيفة رئيس الجمهورية في الحفاظ على الشعب، لكنه يرى جهارا نهارا عملية قتل المتظاهرين ولم يحرك ساكنا".
"قد يقول قائل ما هي الآليات التي بيد رئيس الجمهورية فهي كثيرة وكثير جدا منها على سبيل الاستدلال المادة (61)، حيث يستطيع أن يطلب من مجلس النواب سحب الثقة من رئيس الوزراء بدون استجواب، كذلك يستطع طلب اجتماع طارئ لمجلس النواب لمناقشة الوضع الحالي، لاسيما وان مجلس النواب العراقي اليوم في حال غيبوبة، بالتالي رئيس الجمهورية يستطيع طلب مناقشة موضوع التظاهرات وتلبية مطالب المتظاهرين ومحاسبة قتلة الشعب العراقي، بمعنى أن تكون الجلسة مخصصة بهذا الموضوع فقط وفق المادة (58) من دستور جمهورية العراق للعام (2005)، كذلك يستطيع الطلب من مجلس النواب حل نفسه وفق المادة (64)، بالتالي لم لا يحل مجلس النواب نفسه وهو مطلب الجماهير العراقية الأول".
"أيضا من الآليات التي يمكن أن يغير بها رئيس الجمهورية هو أن يقترح قانونا منصفا للانتخابات، وليس هذا المشروع البائس الذي قدم لمجلس النواب قبل يومين من خلال رئاسة الجمهورية، وهو يريد من خلال هذا المشروع إنتاج نفس الوجوه السياسية السابقة التي كانت سبب خراب العراق وسبب خروج تلك التظاهرات، وهناك آليات أخرى ابسطها الآليات القضائية المحكمة فنستطيع أن نركن للمحكمة الاتحادية العليا، وهي تستطيع أن تساءل رئيس الوزراء والوزراء عن جرائم معينة ومنها جريمة الخيانة العظمى أو انتهاك الدستور والحنث باليمين، بالتالي يمكن للمحكمة الاتحادية العليا أن تتحجج بعدم صدور القانون المنظم لذلك".
"وهذا الأمر غير دقيق خاصة وان المحكمة الاتحادية العليا مارست العديد من الاختصاصات التي لم يصدر قانونها أصلا، ومنها الرقابة على دستورية القوانين وتفسير القانون والقضاء المستعجل وإصدار الأوامر على الإعراض، وهذه من الآليات المعطلة، من الآليات القضائية التي تقع على عاتق الشعب العراقي بأنه يقيم الدعاوى الجزائية إمام المحاكم العراقية بمختلف درجاتها وبمختلف أنواعها عن كل الجرائم التي حدثت في العراق، وممكن الاستعانة بالكثير من الأشرطة التصويرية التي توثق تلك الجرائم".
"كذلك من الممكن الاستعانة بالآليات غير المنظمة وهي كثيرة جدا..
أولا: الأحزاب الوطنية إن وجدت
ثانيا: وسائل الإعلام الوطنية إن وجدت
ثالثا: جماعات الضغط ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية الاخرى
رابعا: الرأي العام ومنها المرجعية.
"إذا هناك الكثير من الآليات التي يمكن أن نستفيد منها على المستوى الرسمي وغير الرسمي، حتى نتوصل لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتبكت ضد المتظاهرين وعلى مختلف المستويات". ولاستكمال النقاش بهذا الموضوع يمكن الإفصاح عن الأسئلة التالية:
السؤال الأول: ما الأسباب الحقيقية وراء العناد الحكومي في تلبية مطالب الجماهير؟.
علينا أن نتخطى فكرة تصحيح الأخطاء بأخطاء أخرى
- الشيخ مرتضى معاش، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يعتقد "إن ثورة تشرين هي ثورة ضد تشوه النظام السياسي، لذلك طالب الشعب بإسقاط النظام السياسي، وهذا النظام لا يبنى على قضية دستور أو على قضية قوانين، النظام السياسي يقوم على مجموعة سلوكيات متراكمة، هؤلاء الذين استلموا السلطة في العراق لم يؤسسوا لأعراف وسلوكيات رصينة تؤدي إلى تشكيل النظام السياسي السليم، فلو كان لديك أفضل دستور في العالم ومتكامل من جميع الجهات ولديك أفضل القوانين في العالم، لكن عندك مجموعة من السلوكيات والاعراف السيئة مترسخة في النظام السياسي تكون العملية فاشلة".
أضاف معاش "وعلى العكس من ذلك لو كان الدستور ضعيف والقوانين ضعيفة، لكن الأعراف والسلوكيات الموجودة لديك هي جيدة وصحيحة وسليمة، عندها سوف تكون المخرجات متطابقة من المدخلات، وأقرب مثال على ذلك بريطانيا ليس لديها دستور وإنما مجموعة من الأعراف ومن التراكمات السلوكية والسياسية، التي نشأت في السلوك السياسي البريطاني الموجود منذ مئات السنين، بالنتيجة النظام السياسي عندما يواجه مشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ينجو منها من خلال إيجاد حلول مناسبة".
يكمل معاش "لكن مع الأسف الشديد نحن في العراق مشكلتنا الأساسية ليست في الدستور أو في القوانين الموجودة، وإنما في السلوكيات السيئة المتراكمة، فهذا العناد وهذا التعسف في استخدام السلطة من اجل بناء السلطة الذاتية والخاصة، بالتالي كل حزب يحاول بناء نفسه بعيدا عن بناء النظام السياسي السليم الذي يجمع الجميع، لكن يبقى هذا الاستبداد وهذا الاستغلال السيئ للموارد وللسلطة، أدى إلى نشوء هذا النظام السياسي المشوه".
أضاف أيضا "التظاهرات اليوم تريد تصحيح هذا المسار المتعجرف، بالتالي إذا استطاع النظام السياسي أن ينجو من تلك التظاهرات اليوم، فهل يستطيع أن ينجو في المستقبل، الجواب كلا لان السلوكيات السيئة المستمرة ستؤدي إلى انتاج كوارث، واليوم المشهد العراقي عبارة عن جبهتين الجبهة الأولى هي جبهة الأحزاب السياسية، والجبهة الثانية هي جبهة المتظاهر العراقي الذي لا ينتمي للأحزاب، وهذا يدل على تشوه النظام السياسي، بينما في الدول المتقدمة عندما يحصل انقسام سياسي يأتي على خلفية الانقسام الاجتماعي، بالنتيجة نجد هناك أحزاب متعارضة فيما بينها لان الشعب لديه أحزاب تستطيع أن تنافس الحزب الحاكم".
يختم معاش "لذلك العناد الذي تمارسه السلطة وعدم وجود فصل للسلطات أوجد حالة من انسداد الأفق السياسي، فعلى هذا الأساس لابد على النخب الأكاديمية والثقافية والاجتماعية أن تمارس عملية دراسة السلوكيات وبناء أعراف سياسية سليمة قائمة على الرؤية للمستقبل، بالتالي علينا أن نتخطى فكرة تصحيح الأخطاء بأخطاء أخرى وهذا أيضا يقع في خانة العناد، فعندما نريد تغيير الدستور لابد نصوب البوصلة بالاتجاه الصحيح وليس العودة للنظام الرئاسي كما يروم البعض".
على الأمم المتحدة أن تأخذ دورها في توثيق الجرائم
- الدكتور منير الدعمي، نقيب الأكاديميين في كربلاء المقدسة، يؤكد على حقيقة تلكؤ السلطة التنفيذية والتشريعية والادعاء العام والقضاء، هذه السلطات قد تخلت عن واجباتها الدستورية والقانونية للوقوف على مطالب المتظاهرين، هذا دليل أكيد على وجود توافق سياسي محلي وتوافق إقليمي ودولي على الوضع في العراق، لذلك على السلطة السياسية في العراق ان لا تغادر فكرة انهيار النظم السياسية العربية في كلا من..(ليبيا، تونس، مصر، السودان، الجزائر)، لكن للأسف الشديد نجد الرئاسات الثلاثة في العراق تميل نحو الخطابات الإنشائية والتسويفية".
يكمل الدعمي "لذلك نعتقد أن القوى السياسية العراقية مجمعة على بقاء ذات الوجوه وذات الأحزاب، هم يحاولون المراهنة على إيجاد قانون انتخابي يعيد ذات الوجوه السياسية، والنقطة الأخرى تعزيز حالة عدم مشاركة أبناء الشعب العراقي في الانتخابات، بالتالي لابد على الأمم المتحدة أن تأخذ دورها في توثيق الجرائم التي ارتكبتها الحكومة العراقية".
الخشية من فقدان الامتيازات هو السبب الذي يقف خلف عناد الطبقة السياسية
- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، يستغل ذكرى المولد النبوي الشريف الذي بعث رحمه للعالمين كي يحرر البشرية من الظلم والعبودية والإجحاف الإنساني، فحينما عرض الإسلام على قومه وخاصته وعشيرته تعرض الرسول الكريم (ص) للكثير من العنف والتنكيل والتعنت، والسبب هو الخشية من فقدان الامتيازات والمكاسب التي يحصل عليها القابض السلطة في مكة، بينما كنت الدعوة المحمدية تسعى لتهذيب الذات الإنسانية من كل العلائق المنحرفة وإيجاد العدالة والخلاص من الرق، وهذه امتيازات أعظم واكبر من تلك التي كانت تنشدها السلطة في مكة، ولكن الأنانية وقصور الرؤية هي التي جعلت هؤلاء الناس يحاربون الرسالة المحمدية".
أضاف جويد "فما أشبه اليوم بالأمس فالسلطة العراقية لا تختلف كثيرا عن مشركي مكة، في تعنتهم اتجاه الإصلاح، فلو كان هؤلاء القابضين على السلطة يؤيدون مسيرة الإصلاح لكان مكسبهم أكثر، وذلك من خلال استمالة الشارع لصفهم وهذا سيفضي لنوع من أنواع الاستمرارية في الحكم".
الإفلات من العقاب سيكون سببا كافيا لإعادة سفك الدم العراقي
- عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية، يرى أن المشهد العراقي اليوم لا يحكمه العراقيون، بل هناك جهات دولية وإقليمية خارجية هي من تحكم العراق، الضد من هذه الجهات هي التظاهرات في الشارع، الصراع الان هو بين الأجندة الخارجية والتظاهرات الشعبية في الساحات والشوارع، السلطة في العراق لا تكاد تحمي نفسها من أي جهة والدليل واضح فالخطف وصل لقيادات في الداخلية وفي الجيش، الكل مقتنع بان رئيس الوزراء لا يسيطر على قيد أنملة في الدولة، ولكن هناك جهات في الدولة هي التي تحرك الدولة".
أضاف الصالحي "وكل الأحاديث التي يتحدث بها رئيس الوزراء هي عبارة عن أشياء خرافية تتعلق بميزانية وما شاكل، في وقت أن الشارع ملتهب ويتصاعد، إذا هم لا يمتلكون قرار للاستجابة حتى يستجيبون، هم ينظرون ماذا ستتفق الأطراف الخارجية حتى ينفذون، بالنتيجة إذا كان سبب بقائهم في السلطة هو الخلافات الخارجية، فالاتفاقات الخارجية ستكون سبب لذهابهم، بالتالي لا فائدة من أن تنجز الإصلاحات وتترك تلك الدماء تذهب سدى، فالعبرة أن يتم ملاحقة الجناة وإنزال اشد العقوبات بهم، لان الإفلات من العقاب سيكون سببا كافيا لإعادة سفك الدم العراقي".
سبب العناد الحكومي هو عدم وجود عقاب لكبار الفاسدين
- حامد عبد الحسين الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، يرى ان سبب العناد الحكومي هو عدم وجود عقاب لكبار الفاسدين، لذلك فالرئيس الحالي ليس استثناء عن الرئاسات السابقة التي اختلست المال العام، بالتالي هذا التماهي عن الحكومات السابقة وعدم وجود العقاب، هذا مما يجعل الحكومة الحالية غير مضطرة لتلبية مطالب المتظاهرين لان فوق القانون، على الجانب الأخر غياب الجانب الأخلاقي الذي يسيطر على المسؤول العراقي، بالتالي المسؤول العراقي غير معني بتلبية مصالحة الآخرين والسهر عليها، بل يسعى للحصول على مكاسب اقتصادية واجتماعية خاصة".
السبب الحقيقي الذي يدفع بالطبقة السياسية للعناد هي سياسة التوريط
- علي حسين عبيد، كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يرى أن السبب الحقيقي الذي يدفع بالطبقة السياسية للعناد هي سياسة التوريط، التي اتبعتها القوى الإقليمية والدولية من اجل توريط بعض قيادات الطبقة السياسية، وهي تصب في مصلحة تلك القوى التي حاولت الاستمرار بهذا النهج، ليس هذا فحسب بل أن اسلوب التوريط قد وصل إلى منظومة الحكم الداخلية، ولهذا أصبحت غالبية الطبقة السياسية بمثابة المتورط، بالتالي على القيادات السياسية الشريفة والمخلصة أن تعيد النظر بمواقفها من جديد، على أمل أن تكون تلك الخطوة لصالح الشعب العراقي ولا خيار غير ذلك".
الاستبداد ستكون نتيجته الهلاك
- كمال عبيد، مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية ومجلة المختار، ماجستير إعلام، يصنف أسباب العناد إلى صنفين أسباب داخلية وأسباب خارجية، الأسباب الداخلية تكاد تكون معروف وهي تتركز حول الاستبداد في السلطة، والذي جاء من جراء الفساد السياسي والقفز على الحكم، والدليل الانتخابات الأخيرة التي كانت نسبة المشاركة فيها ضعيفة جدا، ولكن اكتسبت المشروعة وتم تشكيل الحكومة بدون أغلبية شعبية، لذلك الفساد السياسي أتاح لهم حرية هدر الموارد الاقتصادية وغسيل الأموال ونهب المال العام".
أضاف عبيد " بالتالي بيئة الفساد الكبيرة هي التي جعلت الطبقة السياسية تعيش حالة وهم كبير في إنهم لا يحاسبون في يوم من الأيام، وسوف تسلب منهم تلك الامتيازات التي صنعوها لأنفسهم، التظاهرات الأخيرة شكلت صدمة كبيرة لهم، ولم يتوقعوا أن الشعب العراقي سينتفض عليهم، الحلقة الأهم في تلك التظاهرات هو ذلك الجيل الجديد المختلف الذي سيستمر بالتظاهرات، لذلك إذا بقى من في السلطة بهذا العناد وهذا الاستبداد ستكون نتيجتهم الهلاك".
سيناريو مرعب يجعلهم متمسكين أكثر بالسلطة
- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كربلاء، والباحث الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، يعتقد أن بعض المطالب التي يصر عليها بعض المتظاهرين هي مؤلمة لبعض الأحزاب وغير مقبولة، ومن ضمنها حل البرلمان ومحاسبة الأحزاب والكتل السياسية وإرجاع الأموال المنهوبة، هذه كلها عبارة عن مستحيلات بالنسبة للأحزاب السياسية، وأيضا الأحزاب السياسية القابضة على السلطة لا تستطيع الاستجابة لهذه المطالب لأمر أخر، وهو ما شهدته تجربة البلدان المجاورة من عمليات تغيير خلال السنوات الماضية".
يكمل آل طعمة " وكيف أن الرموز السياسية حوكمت وكان مصيرها مصير مرعب، لذلك القابضين على السلطة لا ينظرون فقط للمكاسب، بل أيضا ينظرون إلى المخاطر في حال تخليهم عن السلطة، وحتى لو كان لديهم خيار الهروب من العراق سيكونون تحت طائلة القانون الدولي والانتربول، وبالتالي يقضي حياته مشرد وهارب، لذلك هذا السيناريو المرعب يجعلهم متمسكين أكثر بالسلطة، وهذا التمسك وجهه الأخر عدم تلبية لمطالب المتظاهرين".
الطلب من طبقة فاسدة أن تصلح نفسها هذه مشكلة بحد ذاتها
- الصحفي والكاتب علي الطالقاني، مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يعتقد الطلب من طبقة فاسدة أن تصلح نفسها هذه مشكلة بحد ذاتها، المسالة الأخرى أن المواطن العراق يجهل هذه الآليات، ليس من حيث قراءة النص، بل من خلال الإيمان العميق المترسخ في داخله، بحيث تنعكس على فعله بعد أن تكون في فكره، الأمر الأخر أن عدد المتظاهرين الذين نزلوا لساحات الاعتصام هي لم تؤمن الشرعية الكافية، بمعنى أخر نحن نلقي باللوم على الجهات العشائرية وباقي قطاعات الشعب العراقي التي لم تساند المتظاهرين في الشارع".
يكمل الطالقاني "هذا خلق تصور لدى السلطة بإمكانية تمييع هذا العدد القليل نسبيا مع حجم النمو السكاني في العراقي، بالتالي تولد لدى السلطة انطباع معين بإمكانية إجهاض هذه التظاهرات والقضاء عليها، الأخطر من ذلك هناك إرادتين موجودة لدى الناس الإرادة الأولى تتشكل من خلال أولئك الشباب الموجودين الان في ساحات التظاهرات، والإرادة الأقوى التي تمتلك الثقل الحقيقي في الشارع لم تخرج لتأييد التظاهرات لسببين.. السبب الأول أن التظاهرات في بغداد يقودها الشيعة فأين بقية الشيعة الذي يحيطون بشريط بغداد، الجواب يأتي على النحو الآتي إنهم يخافون من شريكهم الآخر وهم السنة".
يكمل الطالقاني "ولذلك لم يناصروا التظاهرات على اعتبار أن السنة هم حاضنة للإرهاب، وداعش لا زال يشكل خطرا، وهم يعلمون أيضا بان الوضع الأمني غير مستقر في العراق، الأمر الأخر حتى أنصار المرجعيات الأخرى في العراق ينتظرون من المرجعية القول، لذلك نحن إمام مسؤولية مباشرة حتى نعطي لمطالب المتظاهرين الشرعية، بالتالي نحتاج لترسيخ تلك الآليات في عقل المواطن العراقي كي نكسب ثمار تلك المنازلة".
طبيعة الشعارات تثير الرعب لدى الطبقة السياسية
- الدكتور قحطان حسين الحسيني، الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يصف أسباب عناد الطبقة السياسية في العراق وتجاهل مطالب المحتجين.. فالسبب الأساسي والرئيسي هو الهوس بالسلطة، فلدينا موروث اجتماعي وتاريخي وثقافي كمجتمع عربي وإسلامي ننظر إلى السلطة كأنها مبتغى وأخر مطامح الإنسان، ولا شيء يوازيها في المكانة وفي المنزلة".
أضاف الحسيني "والسبب لان مجتمعاتنا توفر للمسؤول العديد من الامتيازات منها مثلا المركز الاجتماعي الجاه السلطة الأمر والنهي التحكم بمصائر الجميع، السبب الأخر أن كل الطبقة السياسية بأحزابها بكتلها بمنهاجها السياسية التي اتبعتها خلال (16) عام وقبلها، ارتضت لنفسها أن تكون أدوات لتنفيذ رغبات وأجندات خارجية، بالتالي هي لا تملك من قرار الاستقالة أو ترك السلطة أي صلاحية".
يكمل الحسيني "سبب أخر يمكن إضافته هو طبيعة التنشئة السياسية والاجتماعية التي تربى عليها أرباب السلطة، فالأغلبية كانوا يعملون في المعارضة خاصة الزعامات السياسية وقادة الكتل هؤلاء لم يعرفوا من العمل السياسي والفكر السياسي، سوى كيف تعارض من هو موجود في الحكم وكيف تزيحه من السلطة لتبقى أكثر مدة ممكنة، لذلك فان خيارات التنازل عن السلطة غير مطروحة لأنها وفرت لهم أكثر المكاسب والامتيازات التي يحلمون بها، الشيء الأخر فان طبيعة الشعارات التي رفعها المتظاهرين هي أيضا تثير الرعب لدى الطبقة السياسية".
يختم الحسيني "نحن كمجتمع عراقي عربي مسلم دائما يدرك بان السلطة لا يمكن أن تتنازل عن عروشها إلا بالاغتيال والقتل، وهذه مشكلة بحد ذاتها، بالتالي هذه الشعارات وهذه الهتافات تجعل من القابض على السلطة يتمسك بها بقوة".
السلطة وأحزابها لم تقتنع لحد الان بقدرة الجماهير على التغيير
- الدكتور ضياء الجابري، عميد كلية القانون جامعة كربلاء، يعتقد:
أولا: أن الفئة الحاكمة لم تعي لحد الان مطالب الجماهير الحقة بالشكل صحيح.
ثانيا: لا زالت السلطة تمارس التسويف والمماطلة.
ثالثا: أن السلطة وأحزابها لم تقتنع لحد الان بقدرة الجماهير على التغيير.
رابعا: السلطة ورجالاتها تعتقد أن ثورة الشعب هي فورة أنية وستخفت في وقت محدد، وستعود الأمر إلى سابق عهدها قبل المظاهرات والاحتجاجات، وهذا خطأ كبير جدا قد يؤدي بالسلطة الحالية لزوالها، وهذا أمر نراه قريب جدا.
خامسا: هناك عناد وإصرار على عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين لأطول مدة زمنية ممكنة، رغم امتداد التظاهرات على مدى 45 يوم، مما يؤشر على عدم جدية تلك السلطة في الاستجابة لتلك المظاهر.
سادسا: البطء الشديد وغير المبرر في تشريع القوانين اللازمة لتلك المرحلة الصعبة كقانون مجلس النواب قانون إلغاء امتيازات المسؤولين قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وغيرها من القوانين، إن عدم الجدية السلطوية تتجسد صورها وأسبابها في إفادة جميع المشتركين في السلطة بمغانمها.
سابعا: ارتباط العديد من القابضين على السلطة بالخارج.
ثامنا: عدم وجود الناصح الأمين من داخل السلطة.
تاسعا: عدم وجود الانسجام والتوافق السليم والمطلوب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. السؤال الثاني: ما الوسائل واجبة الإتباع لزيادة الضغط على السلطات العامة لإلزامها بالنزول عند المطالب الحقة للشعب المنتفض؟
- الشيخ مرتضى معاش، يتصور أن "التظاهرات هي فرصة حقيقية للعراقيين كي يقوموا بتغيير حقيقي للخروج من هذه الدائرة المفرغة، لذلك إذا تم تسويف هذه التظاهرات سيعود الوضع على ما هو عليه مرة أخرى في أقرب وقت ممكن، علما أن احد النقاط المهمة هي الوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي الموجود في العراق، والأعراف والتقاليد تؤدي إلى ظهور نوع من الإقطاعيات المهيمنة على الساحة وعدم وجود المجتمع المدني الفاعل والمشارك".
يكمل معاش "لذلك لابد أن نحاول قدر المستطاع أن نحارب السلطة المطلقة والاستئثار الاقتصادي والاحتكار الاقتصادي، في أمريكا على سبيل المثال لديهم قانون منع الاحتكار إلى حد (30%)، بالتالي لابد على الشعب أن يقف بوجه الاحتكار والاستئثار والاستبداد الفردي، حتى يكون هناك حاجز إمام صعود هذه القوى، فهذه الكتل السياسية تغولت وهيمنت على كل شيء، بالتالي لا يمكن الاستجابة لمطالب المتظاهرين ما لم يتم تفكيك تلك الإقطاعيات الفاسدة والمهيمنة، أو تفكيك السلطة المستبدة، من خلال ترسيخ مفهوم المشاركة المجتمعية الشاملة".
يختم معاش "النقطة الأخيرة هل نحن ذاهبين نحو المركزية أو ذاهبين نحو اللامركزية؟، الحل لا يكمن في المركزية، بل اللامركزية التي تعزز المشاركة المجتمعية وتوزيع الثروة بشكل عادل وإلغاء الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وهي التي تحقق المشاركة السياسية الفاعلة، ولكن للأسف هناك من ينادي بالذهاب نحو المركزية، وهذا يحتاج لدراسة وقراءة متأنية كي نعرف لماذا يحصل هكذا".
- الدكتور منير الدعمي، قال "للأسف الشديد أن السلطة إلى الان تتعامل باستهزاء مع الشعب العراقي، على الرغم من أن هذا الشعب هو شعب حي، اما بخصوص الانتخابات السابقة فالشعب العرق قال كلمته المدوية، خاصة على مستوى القوائم والأحزاب الكبيرة التي تملك المال والسلاح والعراقة والسلطة، أقصاها الشعب من خلال صناديق الاقتراع فتقلص العدد من (90) نائب إلى (20) نائب فقط في مجلس النواب، وهذه رسالة حية أوصلها الشعب العراقي من خلال صناديق الانتخاب التابعة للأحزاب والقانون الانتخابي المجير لصالح تلك الأحزاب وشراء الذمم وعدم المشاركة الكبيرة".
يكمل الدعمي "لذا يفترض على الإخوان الموجودين في السلطة وفي مجلس النواب العراقي أن يعوا هذا الدرس العظيم، بالتالي فان المطالب المحقة التي يرفعها المثقف العراقي تتركز حول إيجاد قانون انتخابي عادل ومفوضية عادلة، حينذاك سوف نضمن ذهاب تلك الطبقة السياسية إلى مزبلة التاريخ".
- الحقوقي احمد جويد، يؤكد على أن المرجعية دائما ما توصي بالآليات القانونية في التغيير، وهذا هو المسار الصحيح فعندما نطالب بتغيير قانون الانتخابات ومفوضية انتخابات مستقلة، لابد أن نطالب بمحكمة تراقب تنفيذ الدستور، سبب ارتباك العملية السياسية في العراق اليوم هو خرق الدستور، فلو كانت الكتل السياسية ملتزمة بالدستور بحذافيره لكان العراق هو وضع أفضل، وأول تلك الأمور هي قضية المحاصصة والكتل الأكبر التي تنتخب رئيس الجمهورية وتنتخب رئيس مجلس النواب".
يكمل جويد "فلم ينص الدستور على أن يكون رئيس الجمهورية من القومية الفلانية، ورئيس البرلمان من الطائفية الفلانية، ورئيس الوزراء من الطائفة الأخرى، كل هذه الأمور غير موجودة في الدستور، بالتالي من يريد إلغاء الدستور يجب الوقوف ضده، بل هناك بعض الفقرات تحتاج للتعديل، إما باقي نصوص وفقرات الدستور العراقي هي جيدة وتكفل الحريات العامة وتكفل بناء عملية سياسية قائمة على النظام البرلماني".
يختم جويد "لكن للأسف الشديد هناك من يخرق الدستور، من دون أن تتصدى له جهة معينة قادرة على إيقاف هذه الخروقات، وهذا مطلب شعبي يضاف للمطالب الشعبية الأخرى، كي يعزز العمل المؤسساتي والدستوري ويقضي على الفساد في العراق".
- عدنان الصالحي، يعتقد أن أهم خطوة أقدمت عليها الطبقة السياسية من اجل بقائها في السلطة هو بناء قضاء مسيس وخاضع لها، ولذلك في أسوء الأحوال فالقضاء يستطيع إنقاذ السلطة الحاكمة من كل التجاوزات التي ترتكبها، بالتالي هناك حالة اطمئنان بان القضاء سوف يسوف كل الخروقات، لذلك الخطوة الأساس بعد إجراء الانتخابات وإيجاد برلمان فلابد من هيكلة مجلس القضاء وإعادة ترشيحه مرة أخرى، وإلا البلاء سوف يستمر، الان الملفات مكدسة من اصل (13) إلف قضية لم تحسم إلا (4) قضايا بأحكام هزيلة".
يكمل الصالحي "بانتيجة عندما نبني مؤسسة خارج سيطرة الأحزاب السياسية، عندها سوف نحسم كل الإشكاليات التي تعترض بناء النظام السياسي وفق اطر حضارية".
- حامد عبد الحسين الجبوري، يرى أن استمرار العناد الحكومي في الاستجابة لمطالب المتظاهرين، هو يحتاج لإصرار وعناد أكبر من قبل الجماهير، وهذا المعنى يتحقق من خلال منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية والاتحادات والنقابات، وهذه المراكز تستطيع إقامة مؤتمرات في المناطق لتوضيح مدى أهمية هذه التظاهرات وزيادة الزخم للضغط على الحكومة للاستجابة، وهنا لابد التركيز على الموظفين ففي حال توعية الموظف في عدم الانتظام بالدوام سوف يشل حركة الحكومة وبالتالي تنصاع لمطالب الشعب".
- علي حسين عبيد، يشير إلى ثلاثة نقاط مهمة تسهم بشكل قوي في إجبار المنظومة السياسية على الانصياع للمطالب الجماهيرية.. النقطة الأولى هي الصبر والمطاولة وتنظيم المظاهرات بشكل جيد، النقطة الثانية هي سليمة المظاهرات، النقطة الثالثة هي لفت انتباه الرأي العام العالمي، هذه النقاط الثلاثة ستشكل وسائل ضغط قوية".
- كمال عبيد، يوصي بزيادة الزخم الجماهيري وتطوير وتنويع أساليب التظاهر، السعي بالظفر بالدعم الدولي لأنه عامل حاسم في التغيير والتأثير، أيضا نحتاج للتحول بالسياسية الإعلامية وتغيير طريقة معالجته للقضية، لعب جماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني دور حقيقي فاعل من اجل الضغط على السلطة، لابد من استثمار التظاهرات لزيادة وعي الجماهير بواجباته وحقوقه".
- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، يجد أن القضاء العراقي هو مسؤول عن جزء كبير في الأزمة التي يعيشها العراق، في مصر مثلا كان للقضاء دور كبير في تغيير مسار الدولة، يضاف إلى ما تقدم هناك ثلاثة نقاط أخرى يمكن الإشارة إليها، النقطة الأولى تتعلق بزخم التظاهرات خصوصا وأن هناك طبقة عريضة من المجتمع يلزم الحياد، ورغم توجيهات المرجعية الدينية العليا وهذه مشكلة كبيرة، النقطة الثانية إيجاد قيادة فنحن نخشى من تشرذم التظاهرات بسبب عدم وجود قيادة تقود التظاهرات وفق إطار منهجي، صحيح أن عفوية التظاهرات وتلقائيتها حققت جزء كبير من المكاسب لحد ألان، لكن لا بس من تعزيز هذه المكاسب بإيجاد قيادة لابد".
يكمل آل طعمة "الأمر الثالث وحتى تكون التظاهرات مستمرة في تحقيق مطالبها وتلزم الحكومة، يجب تنقية هذه التظاهرات من الأحزاب السياسية، فخلال اليومين الماضيين الكثير من الأحزاب بدأت تركب الموجة، لذلك يجب على المتظاهرين عدم السماح لتلك الفئات من الدخول في صفوفهم على الأقل بحمل رايات وشعارات وصور تمجد بصور جهة على اعتبارها هي من تقود هذه التظاهرات".
- الدكتور ضياء الجابري، يدعو إلى:
أولا: إلى الاستمرار بالتظاهر السلمي حتى الاستجابة الحقيقية والفعلية للمطالب والتنسيق بين النقابات والاتحادات من اجل توحد الجهود بهذا الخصوص، والذي قد يتصاعد إلى الأضراب الجزئي والعام أو اشد من ذلك.
ثانيا: وجوب تشديد وتصعيد المرجعية الدينية العليا لخطابها الرافض للسلطة نتيجة لعدم الاستجابة لمطالب الجماهير ولجوئها للتسويف والمماطلة أي الجانب الحكومي، وضرورة رسم الطريق الواضح إمام الجماهير، نتيجة تعنت السلطة وعدم استجابتها.
ثالثا: ضرورة تحديد مدد زمنية لتحقيق المطالب المطروحة، وبخلافه سيتم اللجوء للحلول الأخرى.
رابعا: إلزامية تقديم الأهم على المهم في التشريعات الواجبة للتشريع من قبل مجلس النواب وفي هذه المرحلة وبالسرعة الممكنة، ولكن ليس على حساب الدقة.
خامسا: التعجيل والإسراع في إجراء التعديل الوزاري المنشود واللجوء إلى حكومة تكنوقراط فعلية، أو إقالة الحكومة واللجوء إلى انتخابات مبكرة بعد إقرار قانون الانتخابات وقانون المفوضية.
"ويختم الباحث الدكتور علاء الحسيني بالتأكيد على أن حبل النجاة الذي ألقاه مجلس النواب العراقي في الدورة الماضية للفساد والفاسدين، هو قانون (27) لسنة (2016) قانون العفو العام، الذي شمل الفساد والفاسدين، ومنهم على سبيل المثال وزير التجارة الأسبق حينما تم إلقاء القبض عليه في لبنان عن طريق الانتربول الدولي وتم ترحيله إلى بغداد، وقد تم إطلاق سراحه معززا مكرما وخرج خروج الظافر، لذلك لابد على المتظاهرين أن يرفعوا لافتات تطالب بإلغاء قانون (27) لسنة (2016)، بل أكثر من ذلك لابد من إقرار قانون جديد يلاحق جميع الفاسدين ويسترد منهم جميع الأموال المنهوبة