بيانات

الامم المتحدة مطالبة بحماية المعالم الحضارية والثقافية رسالة مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات الى الأمين العام للأمم المتحدة

السيد: بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المحترم

نتوجه لسعادتكم بهذه الرسالة لنعرب لكم عن بالغ قلقنا بسبب التصعيد الخطير والمستمر لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المجموعات الارهابية المسلحة في بعض ما يسمى بـ(دول الربيع العربي) لاسيما في سورية، التي أقدمت على تدمير ونهب الاثار التاريخية والمعالم الثقافية، بما فيها هدم قبور صاحبة الرسول محمد(ص) والاولياء الصالحين، كقبر الصحابي الجليل حجر بن عدي.

سعادة الأمين العام:

من خلال رصدنا للأحداث والوقائع الجارية في بعض الدول العربية، تأكد لنا أن التنظيمات الارهابية التابعة لتنظيم القاعدة والجماعات السلفية المتطرفة لاتألوا جهدا في استغلال دعوة الشعوب المشروعة إلى التغيير والحرية والتنمية الاجتماعية في التعرض إلى المواقع الاثرية والثقافية، كلما سنحت لها الفرصة، مستهدفة بذلك تاريخ وثقافة الشعوب الممتدة إلى آلاف السنين تحت ذراع وحجج واهية.

فقد شهدت (دول الربيع العربي) سلسلة من الاعتداءات على المواقع الأثرية والمعالم الثقافية والفكرية، ففي تونس هُدمت وأُحرقت العديد من المقامات والاضرحة، منها ضريح الولي الصالح "سيدي أبي سعيد" والذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر. وفي مصر صدر عدد من الفتاوى عن بعض المتطرفين تطالب بهدّم أضرحة الاولياء الصالحين ومقاماتهم. وفي ليبيا تم هدم العديد من الأضرحة التاريخية من قبل متشددين اعتبروا أن هذه الأضرحة هي لشخصيات صوفية تخالف التعاليم الإسلامية، مثل تفجير ضريح للعالم الصوفي (الشيخ عبد السلام الأسمر) الذي عاش في القرن التاسع عشر، وإضرام النار في مكتبة مسجد في مدينة زليطن، وإتلاف العديد من الوثائق والمخطوطات التاريخية في ليبيا. هذا بالاضافة إلى ما شهده ويشهده العراق من اعتداءات مستمرة على دور العبادة، كالمساجد والحسينيات والكنائس، واضرحة أئمة المسلمين وأهل بيت الرسول محمد (ص).

سعادة الأمين العام:

تؤكد الأحداث الجارية أن الجماعات الإرهابية المتطرفة في سورية تنهج ذات النهج الذي انتهجته تلك الجماعات الارهابية في العراق وليبيا وتونس ومصر؛حيث امتدت يد التطرف لتطال العديد من المواقع الدينية والتاريخية التي تعكس تنوع وغنى المجتمع السوري وموروثه الحضاري والديني، فقد قامت هذه المجموعات بالاعتداء على العشرات من الكنائس وتخريبها ونهب محتوياتها، مثل الاعتداء الذي استهدف "كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار" الكائنة في مدينة حمص، والتي تحمل أهمية دينية وروحية وتاريخيّة أثريّة كبيرة، خاصة عند السوريين، حيث يعود تاريخ بناؤها إلى القرن الأول الميلادي. والاعتداء الذي استهدف ( الكنيس اليهودي التاريخي) الكائن في مدينة دمشق حيث قاموا بتخريبه ونهب محتوياته بالكامل. هذا الكنيس الذي يعود تاريخ بناؤه إلى العام 720 قبل الميلاد. وقطع رأس تمثال أثري للشاعر والفيلسوف والأديب السوري "أبو العلاء المعري"، وذلك بحجة أن هذا الشاعر كان كافراً زنديقاً. وتدمير ونهب مقتنيات المكتبة الاسلامية في الجامع الأموي الكبير في مدينة حلب بالكامل، والتي تعدّ من أكثر المكتبات الاسلامية قيمةً في المنطقة، وتحتوي هذه المكتبة على آثار اسلامية قيّمة ومخطوطات قرآنية تعود الى ما قبل العهد المملوكي الذي امتد من 1250 إلى 1517م .

ولم تقتصر اعتداءات تلك الجماعات الارهابية المتطرفة على البشر الاحياء ولا على المعالم الحضارية بل امتدت لتشمل المراقد والأضرحة وبيوت العبادة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، وآخرها استهدف مرقد الصحابي الجليل حجر بن عدي رضي الله عنه بالتدمير والتهديم والنبش، وهو استهداف للتاريخ الاسلامي فكرا ورموزا وتأريخا، وهو مشابه لتفجير مرقد الامامين العسكريين (عليهما السلام) في سامراء عام 2006 والذي أثار اقتتالا طائفيا في العراق راح ضحيته المئات من العراقيين.

سيادتكم:

إن مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في الوقت الذي يُدين ويستنكر بشدة الاعتداءات المتكررة على المواقع الاثرية والمعالم الحضارية الشاخصة للشعوب ويحمل المجموعات الإرهابية المسلحة والدول التي تدعمها، المسؤولية الكاملة عن كلّ ما لحق أو سيلحق بالمعالم الحضارية والاثرية، فانه يدعو الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو إلى حماية التراث الثقافي والطبيعي، وفقا للفقرة الثالثة من المادة السادسة من اتفاقية حماية التراث.

وإن تدمير المعالم الحضارية والثقافية وهدم قبور الاولياء والصالحين سيما قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي (رض) هو خرق فاضح لجميع اتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية وانتهاك صريح لكافة الأعراف الدوليـة والإنسانيـة، إننا نؤمن بأن تدخلكم العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات هو أمر في غاية الأهمية في ضوء التدهور المستمر للأوضاع في سوريا، لافتين نظر سيادتكم إلى أن تساهل الامم المتحدة والمجتمع الدولي حيال الجرائم اليومية التي ترتكبها الجماعات المسلحة في جميع الأراضي السورية - وبشكل منهجي- قد شجع تلك الجماعات المتطرفة على الاستمرار في ارتكابها للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني دون خوف من أي ملاحقة قضائية في المستقبل.

لذا، فإننا نؤمن بأنه قد آن الأوان لكي تضطلع مؤسستكم الدولية بمسؤولياتها، وأن تقف بحزم تجاه تلك الأعمال الإرهابية اللاانسانية، وأن تعمل على توفير الحماية الكاملة لكل الرموز الدينية والمعالم الاثرية والمناطق المقدسة لكل الاديان والطوائف في سوريا وكل بلدان الصراع في الشرق الأوسط والعالم كافة.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات