اخبار

السعودية والبحرين تمارسان أبشع أنواع التمييز ضد المواطنين الشيعة

قبل أيام اجتمع في كربلاء مواطنون شيعة من دول خليجية مختلفة. لكن أكثرهم من السعودية والبحرين.

زيارة المراقد الدينية المقدسة هي ما جمعهم في كربلاء، فآلاف الخليجيين الشيعة يقصدون المدينة بشكل مستمر، معظمهم يأتون في تجمعات تعرف بالحملات ينظمها متعهدون.في أحاديث لهم إلى موفد "مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات" قال المواطنون الخليجيون "إنهم يتعرضون إلى التمييز في بلديهم" ولم يجرؤوا على الإفصاح عن أسمائهم الحقيقية خوفا من تعسف السلطات في بلديهم، وقالوا إن" المطاردة من قبل النظامين الحاكمين في السعودية والبحرين مستمرة ضد من تعتبرهما مناوئين لها وإن لم يتجاوز فعلهم التعبير عن الرأي".رافد علي، 34 عاما، من منطقة القطيف في السعودية اعتبر أجلى صور التمييز الذي تمارسه السلطات في بلاده بحق الأقلية الشيعية يتمثل بمنعهم من تولي مناصب تعتبرها مهمة، وقال "السلطات تمنع الشيعة من تولي مناصب متوسطة الأهمية، وحتى في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية مثل الإحساء والقطيف".ومن بين المناصب التي لا تسمح السلطات السعودية للشيعة بتوليها هي القضاء والإدارات العامة ونواب المدراء والمستشارين، فيما تعتبر المناصب الأكثر أهمية في الدولة ولاسيما التي تتميز بطابع سياسي مثل المبتعثين الدبلوماسيين والوزراء والقضاة، فهي مغلقة على الطائفة السنية ولا يسمح للشيعة بتوليها.ووصف علي، حال الشيعة في السعودية بأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة يتقدم عليهم الوافدون من بعض البلدان العربية وخصوصا الخليجية ومصر، مؤكدا أن الشيعة في السعودية يعانون من البطالة.وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم قد رصدت في بعض تقاريرها ما قالت انه تمييز مدروس ضد الأقلية الشيعية في السعودية، وطالبت السلطات بأن تُعامل الأقلية الشيعية على قدم المساواة بمواطنيها الآخرين.وأعطت أمثلة على كيفية تعرض الشيعة لمعاملة مختلفة فيما يتعلق بالتعليم والنظام القضائي والتوظيف بشكل عام."لكن التمييز في السعودية لا يقتصر على التوظيف وإن كان هو الأبرز" هذا ما قاله مواطن آخر من السعودية يدعى أبو مصطفى، وقال لـ"مركز آدم" هناك تمييز في مختلف مناحي الحياة وحتى في العبادة، حيث تمنع السلطات السعودية الشيعة من تشييد المساجد ودور العبادة التي تسمى بالحسينيات".ولفت إلى أن بعض المنظمات الدولية أكدت أن السلطات السعودية بدأت منتصف 2008، حملة لإغلاق مساجد الشيعة في بعض مناطق المملكة تزامنت مع حملة لاعتقال شخصيات دينية وقيادات شيعية في الإحساء والقطيف والمناطق الأخرى التي تقطنها الأقلية الشيعية.التصعيد مستمرأبو محمد، 56 سنة، مواطن سعودي آخر بين لـ"مركز آدم" أن السلطات السعودية ومنذ الإطاحة بحكم صدام حسين في العراق بدأت حملة واسعة للتضييق على الشيعة السعوديين في أماكن عملهم وتواجدهم، مضيفا أن هذه الحملة وأساليب المضايقة تضاعفت بعد انطلاق الثورة البحرينية منذ نحو ثلاثة أعوام، وتمثلت في بعض جوانبها في نشر مئات المفارز الثابتة والمتحركة في مناطق الشيعة.ولفت إلى أن السلطات السعودية أصدرت قائمة بعشرات المطلوبين من الشيعة لأسباب سياسية وليست جنائية بعد انتقادهم الحكومة والنظام الملكي وقال" مطالب الشيعة في السعودية تتمثل بضرورة الحرص على المساواة بينهم وبين سائر المواطنين السعوديين".وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في كانون الثاني 2012 قائمة بأسماء 23 شخصا اتهمتهم بـ "إثارة الشغب" ومواجهة الأجهزة الأمنية في المنطقة الشرقية التي تعد غنية بالنفط ويشكل الشيعة فيها ما نسبته 10% من السعوديين البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة، وهي تشهد منذ أعوام حركة احتجاجات ضد السلطة.وبين أبو محمد إلى أن الشيعة في السعودية يحلون في المرتبة التي تلي الوافدين، ففيما تسمح الحكومة للكثير من الوافدين بتولي مناصب مهمة في الدولة فهي لا تسمح للشيعة بذلك واعتبر هذا التمييز منافيا للالتزامات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.الحياة في القطيفوتعد المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول المنتجة للنفط فهي تصدر نحو 10 مليون برميل من النفط يوميا، وتتركز نسبة كبيرة من النفط السعودي في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية. لكن المفارقة أن الشيعة يعانون من الفقر وتعاني مناطقهم من الإهمال، وقال، رضا القطيفي، لـ"مركز آدم" يعتقد الناس أننا مرفهون لأن معدل إنتاج منطقة القطيف لوحدها يزيد على 800 ألف برميل من النفط يوميا. لكن الحقيقة غير ذلك".وتراوح إنتاج السعودية من النفط بين 8 و10 مليون برميل يوميا منذ سنوات وهي تخطط اليوم لرفع إنتاجها إلى 12 مليون برميل يوميا ويعتبر الخبراء إن السعودية تملك القدرة على إنتاج هذه الكمية الكبيرة من النفطوبين المواطن السعودي رضا القطيفي، أن من يعملون في القطاع الخاص أو لهم موارد رزق متواضعة يمكنهم تأمين احتياجات أسرهم صحيا ومعيشيا بنسبة مقبولة، مشيرا إلى إن القطيف التي يتجاوز عدد سكانها نصف مليون نسمة لا تحوي إلا على مستشفى واحد بـ 360 سرير تم تشييده قبل نحو 30 عاما وهو لم يعد كافيا لتلبية حاجات المواطنين.وقال" لا يوجد في القطيف مستشفى متخصص بالولادة والأمراض النسائية كما الحال في المناطق الأخرى في المملكة".وأما في الجانب التعليمي فيعاني الشيعة من الغبن في التعليم لأنهم يرغمون على دراسة المناهج الإسلامية وفقا للمذهب الحنبلي، وبعض المواد في الفقه الحنبلي تهاجم الشيعة وتسفه عقيدتهم، كما لا توجد جامعة في القطيف ويضطر الطلبة إلى السفر إلى مناطق بعيدة عن مناطقهم.والغريب أن أبناء مدينة القطيف يُحرمون من تولي مهام ثانوية جدا مثل إدارة مدرسة أو مستشفى أو محكمة، وقال المواطن، رضا القطيفي" مناصب مثل مدير المصرف الزراعي في القطيف، والمحكمة والمستشفى وفرع التربية والتعليم والبلدية وإدارة السجن لا تعني شيئا مهما ومع ذلك هي تمنع على الشيعة من أهالي المنطقة".البحرين على خطى السعودية في التمييز طائفيا بين مواطنيهاوفي البحرين أيضاً يؤكد مواطنون شيعة إلتقاهم "مركز آدم" النهج التمييزي الذي تمارسه السلطات البحرينية بحق مواطنيها الشيعة، وقال المواطن علي البدري من البحرين لـ"مركز آدم" أثناء تواجده في كربلاء" يتجلى التمييز في البحرين في القضاء بشكل واضح، حيث لا يُمثل الشيعة فيه بما يناسب حجمهم السكاني".مضيفا أن نصيب العائلة الحاكمة من المناصب القضائية يبلغ نحو 35% ونحو 58% من نصيب الطائفة السنية، فيما تبلغ حصة الطائفة الشيعية من القضاء فقط 9% بينما يشكل الشيعة ما نسبته 67% من عدد السكان".وتشير بعض الإحصائيات إلى إن عدد سكان مملكة البحرين المؤلفة من خمس محافظات يبلغ نحو ١٫٣١٨ نسمة، تبلغ نسبة الشيعة منهم على اقل التقادير حوالي 67%.وقال المواطن البحريني، عباس الجميري لـ"مركز آدم" بعض الإحصائيات الميدانية أشارت مثلا إلى إن سنة 2011، شهدت تعيين نحو 296 في مناصب قضائية شغل أشخاص من الطائفة السنية 254 منها أي بنسبة 86%، و24 منصبا فقط كانت من نصيب الطائفة الشيعية أي بنسبة 14%".وأضاف أن التمييز ذاته يصدق على وزارتي الداخلية والدفاع، وقال"يمنع الشيعة في البحرين من تولي مناصب في وزارتي الدفاع والداخلية ولا يوجد ضابط كبير واحد في هاتين الوزارتين" وبين أن عناصر غير بحرينية تم استقدامهم من دول أخرى مثل باكستان وسوريا واليمن يشغلون مناصب مهمة في الدفاع والداخلية ويمنع الشيعة من تولي هذه المناصب.وأكدت بعض الدراسات المحايدة التي تناولت التمييز الطائفي ضد الشيعة في البحرين إلى أن ابناء العائلة الحاكمة يشغلون 35% من المناصب المهمة في وزارة الداخلية بينما يشغل السنة حوالي 55% فيما يبلغ تمثيل الشيعة فقط 10% وهي نسبة متدنية جدا بالقياس إلى حجمهم العددي.أما في وزارة الدفاع فيبدو التمييز جليا وقاسيا أيضا ففي مجلس الدفاع الأعلى، الذي يتكون من 14 عضوا 13 منهم من العائلة الحاكمة وعضو واحد من الطائفة السنية، ولم تُمثل الطائفة الشيعية في هذا المجلس.التوصياتجاء في المادة الأولى من اعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الصادر في ١٩٦٣:"يمثل التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الاثني إهانة للكرامة الإنسانية، ويجب أن يدان باعتباره إنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكا لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعقبة دون قيام علاقات ودية وسلمية بين الأمم، وواقعا من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب".ومن هذا المنطلق، وفضلا عن المنطلقات الإسلامية والأخلاقية التي يُفترض أنها مُحترمة من قبل السلطات السعودية والبحرينية لابد أن تغير هذه السلطات من نهجها التمييزي ضد مواطنيها الشيعة لاسيما وانهم قد اثبتوا أنهم حريصون على سلامة وامن بلدهم واعتمدوا الأساليب السلمية في التعبير عن رفضهم لممارسات السلطة.ويرى "مركز آدم" أن التمييز في الوظائف يؤدي إلى مزيد من الاحتقان بين المواطنين كما وانه يؤدي الى إفقار الشيعة ويسبب لهم مشاكل معيشية قد تدفع بشبابهم إلى ردات فعل غير محمودة، السلطات في غنى عنها، الأمر الذي يحتم تحقيق العدالة والعيش الكريم لجميع المواطنين في البلدين دون تمييز على أساس الدين والطائفة.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات