بيانات

السلطات في البحرين والنتائج الكارثية لممارساتها

إستناداً لخلفيات طائفية وسياسية صعدت السلطات في البحرين خطواتها الاستفزازية ضد الأغلبية الشيعية بتقديم رموزها الدينية إلى المحاكمة، فما الذي تريده السلطات الحاكمة في البحرين من المواطنين الشيعة؟، ولماذا يتم تصعيد وتيرة الملاحقات والاعتقالات والإجراءات التعسفية؟، وهل السلطات البحرينية تريد تصفية حسابات سياسية مع إيران من خلال التنكيل بالمواطنين الشيعة واسترضاء السلطات السعودية بتلك التصرفات؟، وهل المجتمع الدولي راض بسلوك السلطة في البحرين عن إجراءاتها القمعية والتي تنتهك من خلالها حقوق الإنسان وحرياته؟.

لا يخفى على المتتبع مدى سوء الوضع الإنساني في البحرين من خلال التضييق على الحقوق والحريات، وأصبح هذا الوضع خطير جداً بسبب تغاضي دول العالم عن ملف حقوق الإنسان في البحرين أو انشغالها بموجة الإرهاب التي تضرب دول أوربا والشرق الأوسط والأزمات الكثيرة في المنطقة.

فما حقيقة ما يجري في البحرين؟؟، ندرك تماماً إن السلطات تصعد وبوتيرة مستمرة في إجراءاتها التعسفية رغم التزام المعارضة البحرينية بطابعها ونهجها السلمي، وبذلك تريد السلطة أن تدفع بالشعب البحريني اللجوء باستخدام العنف كي تصور للعالم أن المعارضة تمارس العنف والإرهاب وإنها خرجت عن طابعها السلمي للمطالبة بالإصلاح.

وقد ادعت السلطات بتلك الحجج مع انطلاق الاحتجاجات في شباط/فبراير من عام 2011م، وعلى خلفية تلك الادعاءات استعانت السلطات بقوات سعودية وأردنية وباكستانية وبفدائي صدام، هو جزء من إرهاب السلطة ضد مواطنيها، وإنتهاكها الصريح لجميع القيم الإنسانية.

ومارست السلطة في البحرين أيضاً إجراءات إسقاط الجنسية عن الكثير من المواطنين البحرينيين وتجريدهم من جنسيتهم الأصلية، كما أقدمت على زج العديد من الناشطين المدنيين والحقوقيين في السجون وطرد عدد كبير من الموظفين والأطباء من وظائفهم على خلفيات سياسية وطائفية ودون مسوغ قانوني، وصعدت السلطة من استفزازها لمشاعر غالبية أبناء البحرين الدينية بتعرضها لمساجدهم ولدور العبادة الخاصة بهم ومنعهم من أداء طقوسهم وشعائرهم الدينية، واستمرت بالتصعيد في خطوة غير مسبوقة مع علماء الدين بتقديم الشيخ عيسى قاسم للمحاكم وهو يعد من الرموز الدينية للشيعة في البحرين.

فما الذي تريده السلطات من الشيعة في البحرين؟

من خلال تلك المعطيات يتضح إن السلطات البحرينية حاولت وتحاول جر المواطنين في البحرين للصدام المباشر في مشهد وكأنه يحاكي النظام القمعي في تركيا بتصفية الخصوم السياسيين. إذ لا يمكن فهم الإجراءات الاستفزازية والبعيدة كل البعد عن المسؤولية إزاء امن البلاد واستقرارها إلا كونها تصعيد في المشهد الأمني وخلق الأزمات من قبل السلطة وأجهزتها القمعية، تلك التي تتخذها السلطات البحرينية ضد الرموز والتجمعات والأحزاب الدينية والوطنية في البحرين، وتصب في إطار مهمة وحيدة هي دفع الأوضاع في هذا البلد إلى مزيد من التأزم والانفجار وبالتالي تصل إلى غايتها ومبتغاها بتصفية المعارضة السياسية على الطرقة الاوردغانية.

فقد بلغت إجراءات السلطات البحرينية حدا من الاستفزاز، استفز معه حتى الدول الراعية للنظام البحريني والتي تحميه من شعبه مثل بريطانيا والولايات المتحدة، حيث تعالت الأصوات في هذين الدولتين بالاعتراض والتنديد بالممارسات القمعية والاستبدادية للسلطات البحرينية، ودعت إلى إلغاء إتمام صفقات وعقود الأسلحة بين هاتين الدولتين والسلطات البحرينية، بهدف الضغط على السلطات فيها لتغيير سلوكها مع الشعب.

لقد اتضح لحلفاء السلطات البحرينية من دول الغرب إن ما يجري في البحرين تجاوز كثيرا سلوكيات حتى الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية في المنطقة العربية، إلى سلوكيات جهات تعمل بكل الوسائل لإثارة أزمات طائفية مذهبية تنمي روح الكراهية بين في منطقة الخليج التي أصبحت فيها الدعوات السلفية والتكفيرية منهجاً واضحاً لتكفير الآخر واستباحة دمه، لمجرد إرضاء نوازع طائفية مقيتة وتمسك أعمى في السلطة والحكم، وكذلك لتنفيذ أوامر جهات خارجية وتصفية حسابات سياسية مع دول إقليمية في المنطقة.

ترى هل إن السلطات في البحرين لم تجد تهمة أفضل للشيخ عيسى قاسم من تهمة "غسيل الأموال"؟!، بينما يدرك الجميع مدى ركاكة تلك الاتهامات وما هي الغاية التي سيقت لأجلها هذه التهمة... فالجميع يعرف جيدا إن المقصود من الأموال هنا هي أموال الخمس والزكاة التي يدفعها الشيعة لمراجعهم الدينية، وليست هناك جهة في العالم اجمع يمكن أن تعتبر هذا الواجب الشرعي مخالفة قانونية أو "غسيل أموال"!!

إذن، على حلفاء السلطات البحرينية من الدول الغربية، أن تدرك إن السلطات قد استغلت الوضع الدولي، وإن تحالف تلك الدول معها لغايات جيوسياسية يجعل من حليفهم البحريني مصدر إزعاج كبير لشعبه بالدرجة الأولى ولدول الإقليم، وبات يشكل إنموذجا سيئاً من نماذج الاستبداد السياسي الذي تدعي تلك الدول محاربته والتصدي له بوقوفها إلى جانب حقوق الإنسان وحرياته.

وبالتالي، عليها أن تضغط على هذه السلطات، من خلال اتخاذ إجراءات جدية من شأنها أن توقف تلك الخطوات التعسفية والمنافية للقوانين والمواثيق الدولية، وأن تتخذ إجراءات فعلية لوقف سلوك السلطة المستفز وليس الاكتفاء بالإدانات اللفظية فقط، قبل أن تصل الحالة بين السلطة والمعارضة إلى حالة التصادم والعنف الذي تخطط له السلطة وحلفاؤها، وبعدها قد تخرج الأمور عن نطاق السيطرة وتصل الحال إلى نتائج كارثية قد تؤدي -لا سامح الله- إلى إزهاق الكثير من الأرواح أو حدوث إنتهاكات وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والتعدي على حقوق الإنسان بشكل كبير. وعلى السلطات أن تعود إلى رشدها وتحاور شعبها بعيدا عن أي ممارسات استعلائية وطائفية لا تجلب سوى الدمار والخراب للبحرين وأهلها.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات