بيانات

المسؤولية التاريخية والثقافية عن هدم الأضرحة (أضرحة البقيع مثالا)

تذهب أكثرية المسلمين إلى جواز زيارة القبور والتعبد فيها، استنادا لقول الرسول صلى الله عليه وآلة وسلم «كُنْتُ نَهَيْتُكُم عَنْ زيارَة الْقُبُور، فَزُورُوها فَإنَّها تُزَهِّدُ في الدُّنْيا وتُذَكِّرُ الآخِرة»، وأن علماء الإسلام وفقهاء الشريعة قد أفتوا بجواز زيارة القبور، وخاصّة قبور الأنبياء والصالحين، استناداً إلى مجموعة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وبالإضافة إلى الجواز فإنّهم أفتوا باستحبابها وفضيلتها.

ومع غلبة أنصار "المذهب الوهابي" في بعض البلدان العربية كالسعودية وافغانستان، هدمت أضرحة الأولياء والصالحين وصدرت ممتلكاتها، وسوت القبور مع الأرض، وأضحت زيارة القبور والأضرحة أو الصلاة فيها جريمة يعاقب عليها القانون. كما حدث مع أضرحة أهل البيت "ع" في البقيع في المدينة المنورة. وكما استعان تنظيم "الطالبان" بوجهة النظر هذه لتبرير تدميرهم الآثار التاريخية في أفغانستان.

فهل ما ذهب إليه هؤلاء المتشددون هو يعبر عن روح الإسلام أو يعكس سيرة الأوائل من المسلمين؟ أم أن هذا الفكر وذاك السلوك إنما هو تطرف وغلو وخروج عن جادة الاعتدال والوسطية التي أمر الله بها.

يقول علماء الإسلام إن نهى الله ونبيه نهي كراهة وتنزيه، لا نهي منع وتحريم عن الاهتمام ببعض الآثار التاريخية والثقافية، وذلك من قبيل الأبنية على القبور، فقد ورد في الحديث ما يدل على كراهة تشييد الأبنية على القبور، وخرجت عن هذا العموم مقابر النبي والأئمة والصالحين لورود الدليل بتخصيص هذه الكراهة لغير مقابر الرسول وأهل البيت والصالحين من أوليائهم التي يشملها قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ والآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}.

وفي هذا الإطار، يرى عموم فقهاء المسلمين والمفكرين والمثقفين، أن للتراث الثقافي وظيفة هامة في استمرارية هوية الأمة والحفاظ على ثقافتها وقيمها الحضارية، حتى يمكن القول إن من غير الممكن أن تكون للأمة ثقافة يتقوم بها كيانها الروحي والمعنوي من غير تراث ثقافي يمدّ روح الأمة وشخصيتها الفكرية والثقافية بالمضمون الثقافي الخاص، وبالقيم الحضارية المنبثقة منه.

من هذا المنطلق، فصل الفقهاء المسلمون في "الأثر التاريخي" وندبوا إلى الاهتمام بالمعالم التاريخية والثقافية المشتملة على صفة مفيدة، سواء كانت الفائدة علمية بأن كان الأثر التاريخي مشتملاً على مضمون علمي، أو كانت الفائدة معنوية كما إذا كان الأثر التاريخي يمثل هوية المجتمع ويعبر عن ثقافته أو قيمه التي يؤمن بها، أو كانت الفائدة اقتصادية بحتة بأن اشتمل الأثر التاريخي على مضمون يدر نفعاً اقتصادياً إما مباشراً، كما إذا كان الأثر التاريخي بنفسه ثروة اقتصادية، أو غير مباشر، كما إذا كان الأثر التاريخي يستثير رغبة الناس في الاستطلاع وبذلك يؤدي إلى نفع اقتصادي من خلال جلبه للسائحين وتأثيره في تنشيط حركة السياحة المحلية أو العالمية.

أولا: الأدلة الشرعية والعقلية للاهتمام بالتراث التاريخي والثقافي

يذكر بعض المفكرين المسلمين الأدلة الشرعية والعقلية التي تؤكد على أهمية رعاية التراث الثقافي للمسلمين، لا سيما قبور وأضرحة الأولياء والصالحين منها:

1- الشعائر الإلهية: إن من التراث الثقافي ما يندرج تحت عنوان الشعائر الإلهية، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقَوَى القُلُوبِ} وقد ورد في تفسير مجمع البيان تحديد الشعائر بأنها: "المعالم للأعمال، وشعائر الله معالمه التي جعلها مواطن للعبادة، وكل معلم لعبادة من دعاء أو صلاة أو غيرهما فهو مشعر لتلك العبادة، وواحد الشعائر: شعيرة".

وبناء على ذلك، فالمساجد والأماكن المختصة بالعبادة والأماكن التي صلى فيها النبي والأئمة من أهل البيت صلوات الله عليهم أو مقابرهم التي يقصدها الناس للصلاة عليهم ـ وهي من أهم القربات التي أكدتها النصوص الشرعية ـ وكذا الأماكن المختصة بنشر العلم وغير ذلك من القربات الشرعية، كل ذلك مما يعتبر من شعائر الله التي يجب تعظيمها وعمارتها وصيانتها، ويحرم التفريط بها والتساهل في صيانتها أو أي عمل يوجب الوهن في المعلم الرباني أو الحط من قدر الشعار الإلهي وشأنه عند الناس.

2- التعاون على البر والتقوى: قد يكون الأثر التاريخي مشتملاً على صفة تدعو إلى الفضيلة والتقوى أو تشجع عليهما، وعلى مضمون من مضامين الخير والصلاح، كما لو كان مسكناً أو محلاً لكبير من كبار الأتقياء والصلحاء، فضلاً عما إذا كان داراً أو مدفناً لنبي أو إمام من أئمة الهدى سلام الله عليهم أجمعين، فيكون إحياؤه والحفاظ عليه والاهتمام بشؤونه مما يساهم في إشاعة الخير والتقوى بين الناس، ويكون مصداقاً للإعانة على البر والتقوى بل مصداقاً للبر نفسه الذي دعا إليه الكتاب الكريم والسنة الشريفة، قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} وقال تعالى: {وافْعَلُوا الخَيْرَ}.

3- العمران والإحياء: يستفاد من قوله تعالى: {هُوَ الّذِي أنْشَأكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} ومن مجموع المصادر الدينية أن عمران الأرض وإحياءها وإحياء ما فيها من الثروات والأموال فرض كفاية على الناس أجمعين، وفرض عين على الدولة، ومندوب إليه في الشرع بالنسبة لأفراد الناس بأعيانهم. ومهما يكن من أمر فإن وجوبهما على الناس وجوباً كفائياً، ووجوبهما على الدولة وجوباً عينياً، يعني وجوب صيانة الآثار التاريخية بما يمنع من خرابها، ووجوب إحيائها إن أصابها الخراب بأي سبب من الأسباب، بالخصوص قبور وأضرحة أهل البيت "ع".

وخلاصة ما يستنتج مما ذكرناه هو وجوب الصيانة والإحياء لكل تراث ثقافي يقبل العمارة والإحياء، وعدم جواز التفريط به بما يؤدي إلى فساده وخرابه.

4- الثروة الاقتصادية: قد لا يكون الأثر التاريخي مشتملاً على مضمون أخلاقي أو ديني خاص، وإنما يعبر عن حالة ثقافية لمرحلة تاريخية معينة عاشها الإنسان في الزمن الغابر، وذلك مما يستهوي الناس المولعين برؤية الآثار التاريخية، وكذا الراغبين إليها لحب الاستطلاع من مختلف مناطق العالم. والأثر التاريخي في هذا الفرض يعتبر ثروة اقتصادية كبيرة لما يترتب عليه من منافع اقتصادية بسبب جلبه للسائحين وتأثيره البالغ في تنشيط حركة السياحة المحلية والعالمية. وعندئذ يعتبر الأثر التاريخي مالاً وثروة كسائر الثروات الاقتصادية مما يجب إحياؤه وعمارته والمحافظة عليه والقيام بشؤونه، ولا يجوز التفريط به بحال من الأحوال، شأنه شأن سائر الثروات الاقتصادية.

وبناء على ذلك، فإن مما يجب صيانته ويحرم التفريط به لكونه من المصالح العامة الأثر التاريخي المفيد الذي تترتب عليه فوائد معنوية أو مادية كبرى بحيث يصدق عليه عرفاً أن فيه مصلحة عامة لعموم الفوائد المترتبة عليه لاسيما الآثار التاريخية التي تمثل القيم العليا لشعب ولأمة أو تمثل كيانها المعنوي ومُثُلَهَا الحضارية، أو الآثار التاريخية التي تجلب إلى الناس خيراً مادياً كثيراً ونفعاً اقتصادياً عاماً، وإن كان بسبب جلبها للسائحين وإثارة حب الاستطلاع في الراغبين إلى معرفة الشعوب وحضاراتها وتاريخ الماضين وأساليب عيشهم وطرائق حياتهم.

ثانيا: السيرة التاريخية للمسلمين الأوائل

يقول المؤرخون وكتاب السيرة، حينما أشرق الإسلام من الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، وغمر بنوره أرجاء المعمورة، دخل في دين اللَّه جماعات وأفراد وشعوب ومجتمعات عريقة، وقامت للإسلام دولة مترامية الأطراف ضمت شعوباً وقوميات متعددة، وتكوّنت حضارة إنسانية عالمية احتضنت ديانات وثقافات ومواريث حضارية غنية، احترم المسلمون التراث الثقافي والفني الذي انتقل إليهم من الحضارات السابقة وحافظوا عليه واعتبروه تراثاً إنسانياً مشتركاً يجب صيانته والإفادة منه. ولم يذكر التاريخ أن أحداً مسّ هذا التراث بسوء، سواء كان معابد أو كنائس أو أديرة أو أية معالم أثرية أو حضارية.

أ‌- دخل المسلمون مصر عام 20هـ ــ 642 م، وكانت مصر صاحبة أقدم وأعظم حضارة، وهي أكبر مخزن للآثار في العالم، فوجدوا معابد ضخمة وتماثيل جبارة، وآثاراً غنية ممتدة من الحضارة الفرعونية واليونانية والمسيحية فحافظوا عليها ولم يسمحوا بالعبث بها، فالتراث جزء من تاريخ الشعوب بغض النظر عن الديانة التي يدينون بها.

ب‌- وفي بلاد الشام والعراق ظلت آثار السومريين والآشوريين والبابليين من حضارة بلاد الرافدين محفوظة على امتداد الحضارة الإسلامية، وقد تنوعت هذه الآثار بين قصور وأضرحة وأبراج ومنحوتات على هيئة تماثيل لآلهة وملوك وحيوانات وطيور، وقد كانت لفنون وتراث بلاد الرافدين أثرها البارز على فنون البلاد المجاورة في آسيا الصغرى وفنون اليونان والرومان.

ت‌- وانتشر الإسلام في بلاد فارس وما وراء النهر حتى وصل إلى أفغانستان، فلم يقم المسلمون بتدمير أو تخريب إيوان كسرى ولا معابد زرادشت أو أبراج المجوس ولم يدمروا آثار شعوب تلك البلاد أو تماثيلهم ولكنهم اعتبروها تراثاً إنسانياً للشعوب التي دخلت الإسلام، بل إنهم عندما دخلوا شبه الجزيرة الهندية، وأغلب شعوبها تعبد تماثيل الهندوسية والبوذية ـ وأقاموا فيها حضارة إسلامية رائعة في عهد المغول المسلمين ـ لم يتعرضوا لآثار السابقين حتى من عبدة الأوثان، وذلك احتراماً لتراث السابقين ومراعاة لحساسية الشعوب التي دخلت معهم في الإسلام وحرصاً على معالم التاريخ الإنساني والوفاق الوطني، ولو كانت معالم معتقدات عفى عليها الزمن.

ث‌- ولقد فتح المسلمون أفغانستان منذ القرن الأول الهجري، وكانت فيها هذه الأصنام ولم يفكروا في إزالتها وتدميرها، وهم خير الأقران من الناحية الدينية، كما كانوا أعظم قوة عسكرية في العالم يومئذ، ومع ذلك وسعهم السكوت على هذه المخلفات الأثرية القديمة، فإن المهم عندهم تحرير العقول والأنفس من عبادة غير الله

والخلاصة، لا يكاد يخلو بلد فتحه المسلمون من بلاد الحضارات القديمة من وجود آثار جاهلية في معابده وقصوره التاريخية، ومع هذا لم يهتم المسلمون بمحوها وإزالتها، فهل يعقل أن يعمد المسلمون إلى تخريب وهدم وإزالة آثار نبيهم وأهل بيته والأولياء الصالحين، وهي بلا شك تمثل موضع ارتباط بمن تفضل عليهم بالهداية والصراط المستقيم؟

ثالثا: فتوى العلماء المعاصرين:

أ‌- فتوى الشيخ محمد عبده الذي يُعّد إمام المجتهدين في العصر الحديث حيث يقول "انظر إلى صورة أبي الهول بجانب الهرم الأكبر، تجد الأسد رجلاً، أو الرجل أسداً، فحفظ هذه الآثار حفظ للعلم في الحقيقة، وشكر لأصحاب الصنعة على الإبداع فيها... ما حكم هذه الصور في الشريعة الإسلامية إذا كان القصد منها ما ذكر من تصوير هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية أو أوضاعهم الجثمانية؟ أقول إن الراسم قد رسم والفائدة محققة لا نزاع فيها، ومعنى العبادة وتعظيم الصورة أو التمثال قد مُحيَ من الأذهان...

ب‌- المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة فيقول: "أما الفقهاء الذين وقف كثير منهم عند حرفية النص ولم يبصروا ارتباط تخريجها بعلة هذا التحريم.. فإن آخرين منهم قد اتخذوا موقفاً مغايراً بجواز الصور والتماثيل طالما أن خوف الشرك والوثنية غير قائم، وتحدثوا عن دور هذا الفن في العلم والتعليم والتربية والتهذيب، بل ومارس بعضهم صنعة هذا الفن الجميل، فكانت حياتهم وممارساتهم واجتهاداتهم لتجسيد موقف الإسلام الحق من هذا الفن... موقف التزكية والمباركة... طالما كان فناً راقياً يسعى أهله إلى ترقية حياة المسلمين وتمكينهم من تذّوق نِعَمَ اللَّه الجميلة التي أفاضها على الطبيعة وسخَّرها لتجميل حياة الإنسان"

ت‌- المفكر الدكتور يوسف القرضاوي، إذ قال بعد أن بيّن حكم إقامة التماثيل بالنسبة إلى المسلمين: "أما التماثيل التي صنعها الأقدمون، فهي تمثل تراثاً تاريخياً ومادة حية من مواد التاريخ لكل أمة، فلا يجب تدميرها باعتبار أنها محرّمات، بل هي دلالة على نعمة اللَّه على الأمة التي هداها وحرّرها من عبادة الأصنام".

ث‌- مفتي الديار المصرية، الدكتور نصر فريد واصل بإصدار بيانه الذي استغرب فيه إعلان طالبان إزالة التماثيل الأثرية في أفغانستان، وقال إنها مجرد تسجيل للتاريخ وليس لها أي تأثير سلبي على عقيدة المسلمين. وقارن بينها وبين الآثار الفرعونية في مصر، مؤكداً أن الإبقاء عليها ليس حراماً، خصوصاً أنها تدرّ مصالح اقتصادية للبلد الإسلامي من خلال تنشيط السياحة فيه، وأشار إلى ما ذكره القرآن من قصص الأولين وبقاء آثارهم للعبرة والعظة.

فاذا كانت تماثل ونقوش وقصور الأوليين قد احترمها الإسلام وحدث علماؤه على وجوب المحافظة عليها، فما بالك بأضرحة الأئمة والأولياء والصالحين والمزارات الدينية أليس من باب أولى أن تحترم ويحافظ عليها. ولا يقول أحد أن قبور الأئمة وأضرحتهم هي مكان للشرك فهذا كلام ثبت بطلانه شرعا وعقلا وعرفا.

رابعا: الحماية الدولية لاماكن العبادة

تحت عنوان " الممتلكات الثقافية" والتي يقصد بها بحسب اتفاقية لاهاي 1954 "الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، والأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات" وفر المجتمع الدولي حماية خاصة لاماكن العبادة.

فقد نصت المادة (53) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف على أنه (تحظر الأعمال التالية، ارتكاب أي من الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب. ونصت المادة (16) من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف على أن (يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب، واستخدامها في دعم المجهود الحربي).

وفي ظل الجهود المتعاقبة لوضع قواعد قانونية دولية تقضي بحماية أماكن العبادة أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25/نوفمبر/1981 الإعلان الخاص بالقضاء على جميع إشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، حيث نصت المادة (6) من هذا الإعلان على أن (وفقا للمادة 1 من هذا الإعلان، ورهناً بأحكام الفقرة 3 من المادة المذكورة، يشمل الحق في حرية الفكر أو الوجدان أو الدين أو المعتقد، الحريات التالية: ((أ) حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد ما، وإقامة وصيانة أماكن لهذه الأغراض).

أما النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (روما) لعام 1998 فقد عدّ الاعتداء على المباني الدينية إحدى جرائم الحرب وذلك في (الفقرة 2 من المادة 8) من هذا النظام حيث نصت على أن (2-تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية...).

الخلاصة

1- لا شك أن أضرحة ومقامات الأولياء أصبحت معلماً أثرياً وتاريخياً، وملكاً للعالم وللشعوب كلها، ولم يكن المسلمون يوما ما ينظرون إلى أصحاب المقامات والمراقد على أساس أنهم إله أو شركاء للإله، بل أضحت هذه الأماكن مكانا للعبادة والتوحيد مادام يعتقد إتباعها أن الأولياء الصالحين أصحاب تلك المراقد كانوا عنوانا ورمزا للعبادة والتوحيد وكانوا أناسا صالحين مؤمنين داعين إلى عبادة الله وتوحده.

2- لم تحظى أعمال هدم الأضرحة بتأييد لا من قبل الشعوب ولا من قبل حكوماتها ولا الهيئات الدولية، بل كانت أعمالا مدانة ومرفوضة وتمثل اعتداء على آثار وتاريخ ومقدسات الشعوب كافة، أينما حدثت تلك الاعتداءات، سواء في المدنية المنورة حيث قبور أهل البيت النبي محمد صلى الله عليه وآلة وسلم وأصحابه، أو في العراق أو في سوريا أو في ليبيا ومالي وباكستان وأفغانستان وغيرها من الدول التي تمكن الإسلاميون السلفيون من الوصول إلى تلك الأضرحة وهدمها. وبناء على هذا، فأن ظاهرة هدم الأضرحة والمشاهد الدينية هي جريمة ضد الإنسانية، ولابد من ملاحقات الحكومات والأنظمة والجماعات والأفراد الذين ينتهكون حرمتها.

3- على المجتمع الدولي أن يأخذ دوره، ويتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية، ويدافع عن حقوق الأمم والأجيال، ويطلب من سلطات المملكة العربية السعودية إعادة بناء قبور أئمة البقيع وارجاعها بشكل أفضل مما كانت عليه قبل هدمها، لان بقاء مقبرة البقيع بهذا الشكل يعد إهانة للعقيدة والتاريخ الإسلامي وانتهاكا للتراث الإنساني، ويعد بقاءها بهذا الشكل تحريضا على العنف والكراهية، وعلى شرعية استهداف الأماكن العبادية المقدسة للشيعة والمسلمين ومختلف الأديان.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات