تقارير

مركز آدم يناقش التجنيد الإلزامي وآثاره على كرامة الإنسان وحرياته

في ظل السياسات الفاشلة وغياب الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان العراقي برزت الى السطح مجموعة لا بأس بها من القوانين والتشريعات ولسنا في محل عرضها وعدها الان لكن ما يعنينا في سياق هذه الحلقة هو مناقشة تشريع قانون التجنيد الالزامي وآثاره على كرامة الانسان وحرياته.

ولأجل ذلك عقد مركز أدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (التجنيد الإلزامي وآثاره على كرامة الإنسان وحرياته)، في مقر جمعية المودة والازدهار النسوية في كربلاء المقدسة، وقد حضر الحلقة النقاشية مجموعة من المتخصصين بالشأن القانوني وناشطين مدنيين بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين والأكاديميين وباحثين في مراكز الدراسات.

حيث اوضح مدير الجلسة الفكرية الأستاذ الدكتور ضياء الجابر عميد كلية القانون-جامعة كربلاء خلفيات تلك الورقة، وما جاء فيها في اصل اسباب ومسببات سن هذا القانون والظروف المحيطة به، مما اثار الكثير من الجدل والاختلاف بين القوى السياسية العراقية، كونه طرح قبل وقت قريب امام اروقة مجلس النواب بعد ان تم اقراره من خلال مجلس الدفاع اي وزارة الدفاع بأجهزتها المختلفة، ففي ظل تلك الظروف الامنية المعقدة يحتاج منا الى تسليط الضوء على الاحكام القانونية التي تعنى بتنظيم هذا الموضوع، بدءا من النصوص الدستورية التي عالجت هذا الامر معالجة عامة وتركت التفاصيل.

ولبيان تلك الاحكام القانونية التي يمكن ان يتضمنها هذا المشروع الخاصة بالخدمة الالزامية، وموقف التشريعات والقوانين المقارنة بخصوص الالية التي نظمت بها خدمة العلم او الخدمة الالزامية.

 لذا تم تقديم ورقة مستفيضة بهذا الخصوص قام بطرحها الدكتور علاء الحسيني التدريسي في كلية القانون-الجامعة كربلاء، تناول من خلالها المحاذير التي تقع على كرامة الإنسان وحرياته في حال إقرار قانون الخدمة الإلزامية وإجبار الناس على السوق إلى معسكرات الجيش.

الاساس القانوني او الدستوري للتجنيد الالزامي

هذا وقد تطرق الدكتور الحسيني، الى حيثيات الخدمة الالزامية او التطوع في الجيش العراقي هذه المؤسسة العريقة التي ترجع الى عشرينيات القرن الماضي في يوم 6 كانون، عندما انطلقت جذوة هذا الجيش ومر بالكثير من المفاصل التاريخية خلال حقب زمنية طويلة، اثبت فيها جدارة في حفظ كيان الدولة ومنح الدولة العراقية الكثير من الهيبة، في الوقت ذاته خاض هذا الجيش الكثير من الحروب التي ربما زج فيها بموجب مغامرات الحكام آنذاك، لاسيما في عقد الثمانينيات والتسعينيات وكان اخرها الحرب المدمرة التي اجتاحت الاخضر واليابس في العام 2003، انتهى الامر بأوامر بريمر وقد ضمنها حل الكيانات المتعلقة بالجيش منها حل وزارة الدفاع وبعد ذلك بدأت العملية السياسية في العراق وتكوين القوات المسلحة والتي تغيرت تسميتها وتغير ارتباطها اكثر من مرة.

واشار الحسيني، والى الان لم يتبلور مشروع قانون او مقترح قانون لتنظيم التجنيد الالزامي في العراق. بشكل متكامل يطرح على مجلس النواب، انما هناك مبادرات من لجنة الامن والدفاع ومن وزارة الدفاع، ولعل قبل ان نلج في بعض الحيثيات القانونية لابد ان نشير الي الخلفية السياسية لهذا الامر، خصوصا وان الكتل السياسية لاحظت ان بعضها يتمسك بضرورة اقرار قانون للحرس الوطني، كما هو الحال بالنسبة لإقليم كردستان حيث يلح كثيرا على تقنين الوضع القانوني للبيشمركة او حرس الاقليم كما يسمى في بعض الأدبيات، والائتلاف الوطني هو الاخر بدأ يلتفت الى قضية تقنين وضع الحشد الشعبي ووضع آلية قانونية تستوعبهم وتعالج موضوع جرحاهم او موضوع شهدائهم من الناحية القانونية.

وطرح الباحث المحور الثاني من محاور هذه الورقة وتطرق الى الاساس القانوني او الدستوري للتجنيد الالزامي، طبعا التجنيد الالزامي ورد في صياغة الدستور وفي المادة التاسعة بانه خدمة العلم، وهذه الخدمة ينبغي ان تنظم بقانون ولم يصدر هذا القانون الى الان بعد عشرة سنوات على صدور الدستور العراقي في عام 2005، ونامل من البرلمان ومن الحكومة ان تنضج هذا المشروع بأسرع وقت ممكن ويعرض على البرلمان، وهنا يلج ثمة سؤال هل العراق بحاجة الى التجنيد الالزامي اما ان فتح باب التطوع وحده يكفي، في الواقع ان الدستور العراقي كفل جملة من الحقوق والحريات للمواطنين العراقيين، وعلى راسها حرية الرأي وحرية التعبير حرية التحرك حرية السفر حرية الفكر وغيرها من الحقوق والحريات، فعندما يلزم المواطن بان يدخل في المؤسسة العسكرية بالتأكيد سيتخلى عن هذه الحقوق والحريات وحسب الصياغة القانونية لقانون التجنيد الالزامي.

وبين الحسيني، ان المادة الثانية من الدستور العراقي تأكد على انه لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور، وهناك من يشكل على التجنيد الالزامي على اعتباره يقيد حرية السفر وحرية الرأي والتعبير وحرية الكرامة، وذلك لان المؤسسة العسكرية تقوم على الطاعة والطاعة لا تعرف شيء اسمه الكرامة، فالضابط ربما وبحكم قانون الضبط العسكري ربما يتعدى على كرامة المنتسب للمؤسسة العسكرية، لذا هذا مؤشر سلبي من ناحية توفير الكرامة للمواطن العراقي وهو من المحاذير التي نحذر منها مخافة ان تنتهك في المستقبل لو اقر قانون التجنيد الالزامي بصياغة ربما فضفاضة تسمح بهذا الامر، كذلك هناك الكثير من النصوص القانونية التي وردة في الدستور ومنها المادة (46)، والتي اكدت على انه الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور تنظم بقوانين.

واضاف الحسيني، على ان لا يمس القانون جوهر الحق والحرية ومبدأ المساوات الذي أرسته المادة (14)، فمن المحاذير ربما عبء الخدمة العسكرية سيقع على ابناء الفقراء فيما لو اقر مثلا موضوع البدل النقدي فالبدل النقدي سيتمكن من دفعه الميسورين في حين الفقراء سيضطرون الى ولوج المؤسسة العسكرية وهذا يعد انتهاك للمادة (14)، كذلك لابد من وجود استثناءات على الخدمة العسكرية من منطلق انساني كأن يكون استثناء المعيل الوحيد للعائلة واستثناء بعض المصابين ببعض الامراض ويستثنى ايضا بعض الفئات لاسيما الدارسين من خريجي الكليات وما الى ذلك، فالقانون لابد ان يأتي محققا لمبدأ العدالة والمساواة.

يكمل الحسيني، واما يترك موضوع التطوع بالباب مفتوح امامه ومن لا يرغب في التطوع او خدمة العلم هذا شانه الخاص، وبالتالي ان من يتطوع هو يقبل في ان تقييد بعض حرياته وحقوقه، لا ان يلزم بحكم القانون لان الالزام فيه الكثير من المحاذير كما ذكرنا سالفا، فبعض الدول ربما تأسس أثار قانونية بعيدة المدى على من يتخلف عن الخدمة العسكرية، وكما حصل عندنا في العراق حيث يعد الهروب من الخدمة العسكرية جريمة مخلة بالشرف في فترة من الفترات، وايضا من يتخلف او يهرب من الخدمة العسكرية كان يعاقب بعقوبات بدنية قاسية تصل الى حد قطع الاذن او شيء من هذا القبيل.

وقد شهد هذا الملف انتهاكات صارخة في الماضي لذا لا نريد ان نعيد الى الاذهان تلك الانتهاكات الخطيرة، التي مر بها ابناء الشعب العراقي فاليوم عندنا اساس قانوني لخدمة العلم وهو قانون الخدمة العسكرية رقم ثلاثة لسنة 2010، وعندنا ايضا قانون خاص بقوى الامن الداخلي ينظم خدمتهم وهو قانون خدمة قوى الامن الداخلي (18) لسنة 2011، وكلا القانونين نظما التطوع طبعا مع الفارق بين قانون 2010 الخاص بالعسكريين وقانون 2011 الخاص بقوى الامن الداخلي، لان قانون 2010 كان ظالما عندما تعامل مع منتسبي القوات المسلحة بازدواجية اذ عد الضباط فقط من الموظفين على الملاك الدائم لوزارة الدفاع، بينما عد المراتب من المتعاقدين وان الفارق جوهري ما بين المتعاقد والموظف من حيث الحقوق والواجبات والنتائج التي تترتب على تلك الحقوق والواجبات.

كما اكد الحسيني، لذا وبمناسبة الحديث عن قانون التجنيد الالزامي هي دعوة للمشرع العراقي ان يعالج المشاكل التي جاء بها قانون رقم ثلاثة لسنة 2010، فيما يتعلق بموضوعة التمييز بين هؤلاء ونحن في فقه القانون نقول ان من ينتسب الى احدى وزارات الدولة او الجهات غير المرتبطة بوزارة بعمل دائم، وان من شروط الوظيفة العامة هي التفرغ لخدمة متصلة غير متقطعة ولا شك في ان الجندي أو المراتب في عموم الجيش العراقي هم من المتفرغين لخدمة المؤسسة العسكرية، لذا لماذا لا نأتي على اصلاح اوضاعهم، لماذا لا نأتي على اصلاح المادة عشرة من القانون ثلاثة لسنة 2010 التي ميزت بين المراتب وبين الضباط من ناحية الراتب ومن ناحية الاجازات ومن ناحية الضمان ومن ناحية الحقوق التقاعدية.

 وكل هذه الملاحظات يأخذ عليها المشرع العراقي وتأخذ عليها وزارة الدفاع لأنها ساكتة منذ العام 2010، في حين يجري الان الحديث عن التجنيد الالزامي ولا نتحدث عن حقوق الشهداء من المؤسسة العسكرية منذ عام 2003 حتى الان، كيف نكفل لهم الضمانات التي من الممكن ان تكون لهم حافزا اضافيا لأبناء الوطن كي ينخرطوا في المؤسسة العسكرية، وهنا لابد ان نؤكد ان توقيت القانون لا بأس به الان لاعتبار انه ربما يحقق لنا اكثر من فائدة، ويرفع عنا الكثير من المحاذير التي يتخوف منها بعض ابناء الطوائف العراقية، الان هذا القانون لو اريد له ان يمر في اروقة مجلس البرلمان ينبغي ان يبنى على اسس قانونية تقوم على العدالة وعلى المساواة وعلى عدم المحاباة وتقوم ايضا على معالجة الكثير من المشاكل التي تتعلق بأبناء الميسورين وابناء المسؤولين في الدولة العراقية.

واستدرك الحسيني، حقيقة اولئك الذين يتذرعون بجنسياتهم المختلفة الاخرى والتي من خلالها يتهربون من الخدمة العسكرية، لذا لابد ان يضع المشرع العراقي ان يضع نصب عينيه مزدوجي الجنسية وكيف نأتي بأولاد المسؤولين ممن يقطنون في بلاد الغرب لخدمة العلم في العراق، وهذه واحدة من المشاكل التي اتوقع ان تحصل عند اقرار هذا القانون والكثير من المشاكل التي سوف نترك المجال للأخوة المتداخلين على امل ان يثيروها كي نعمل على توحيدها في رؤية قانونية موحدة وترفع الى مجلس النواب او الى المسؤولين في الحكومة العراقية باسم منظمات المجتمع المدني في كربلاء المدافعة عن الحقوق والحريات العمة لجميع ابناء الشعب العراقي بلا تمييز.

بعد ذلك فتح مدير الجلسة النقاشية الباب امام الحاضرين ليشاركوا بمداخلاتهم وطرح اسئلتهم واشكالياتهم التي اجاب عنها بوضوح تام صاحب الورقة النقاشية.

المداخلات والتعقيبات:

الدكتور صلاح جبير البصيصي من جامعة كربلاء كلية القانون من جهته طرح السؤال التالي هل نحن مع التجنيد الاجباري او التطوعي، فأجاب بنعم لصالح التطوع الاجباري وهو ضرورة ملحة ويجب ان يكون للعراق جيش مقتدر يتصدى لكل تلك الاطماع، ولكن اشترط مراعاة مبادئ حقوق الانسان من حيث تحديد مدة الخدمة والغاء البدل النقدي في حال وجوده، وذلك كي نحقق المساواة ومراعاة كرامة الانسان العراقي المجند والزام القادة العسكرين بمبادئ حقوق الانسان، الشيء الاخر ان اعمار الخدمة في الجيش العراقي حددت من 19 الى 45 وان سنوات تلك الخدمة متفاوتة بعض شيء وحسب التحصيل الدراسي والاكاديمي، لكنه يرفض من جهة اخرى فكرة الاعفاء من الخدمة لحملة الشهادات العليا، فالأمر في بعض النظم الديمقراطية يعد حالة مشروطة وهي مدعاة فخر واعتزاز لتلك الشخصيات كونها خدمة في المجال العسكري، وحتى في مصر هناك قانون يسمى قانون الخدمة العسكرية والوطنية وان معنى وتفسير الوطنية هنا يكاد يؤكد شمول الانثى بالخدمة لتحقيق المساواة.

عباس المالكي اعلامي اشار الى ان مسودة القانون التي اقترحتها وزارة الدفاع بهذا الخصوص في الشارع وتحديدا في الوسط والجبوب اثارت جدلا كبير، من حيث المبدأ كل الدول تقريبا لديها قانون الخدمة الالزامية لكن في واقع كالواقع العراقي، التجربة تختلف في الشكل والمضمون وهي لا تنجح لاننا في ظل عملية سياسية فاشلة وفاسدة، وبالتالي فان التجنيد الالزامي او كل ما يتمخض عنها سيكون فاشلا، فعلى سبيل المثال ان اغلب مناطق تكريت لا يوجد فيها عدادات للكهرباء، في حين الوسط والجنوب هناك دقة كبيرة في متابعة هذا الموضوع وعلينا ان ندفع ضرائب وان نسدد فواتير الماء والكهرباء.

يضيف، وهذا المثال يقودني الى تجربة التجنيد الالزامي فمن يضمن ان ابناء المناطق الغربية ومناطق الاكراد سيلتحق بمعسكرات التدريب، بل ربما سيكون قانون الخدمة الالزامية وبالا على ابناء الوسط والجنوب مع احتمالية ان تتكرر سبايكر من جديد ونكون ضحية لمؤامرات جديدة، واعتقد ان اقرار القانون لن يكون في مصلحة ابناء محافظة الوسط والجنوب تحديدا، لان كردستان لن تقبل وكان هناك اعتراض واضح من قبل الساسة الكرد على القانون، وايضا ابناء المنطقة الغربية سوف لن يذعنوا له، لانهم هم لا يأمنون بالعملية السياسية.

نحن اليوم بحاجة الى استثمار الطاقات الشبابية في مجالات أخرى، وذهبت الى غير رجعة فكرة ان الجيش يصنع الرجال فجيوش العالم اليوم تقوم على اساس تكنولوجي وحرفي ومهني وعلى اساس القوة الذكية وليس على اساس القوة الجسدية.

من جهته مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام علي الطالقاني قال منذ سنتين او اكثر نسمع بضرورة تطبيق التجنيد الالزامي مع العلم ان الامر ليس معيبا لكن مبررات وجود هذا القانون كثيرة من بينها القضاء على الطائفية وهذا مجافي للحقيقة ووهم يتذرع به بعض الساسة.

وأضاف الطالقاني ربما طرح هذا المقترح من جديد بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد من اجل ان تكون مرتبات العسكريين اقل على اعتبارها خدمة الزامية وبالتالي سيخفف ذلك من الاستنزاف المالي لخزينة الدولة وهذا غير معقول أيضا.

اضف الى ذلك ان قانون الخدمة الالزامية سيشكل اعداد كبيرة من المشمولين بالخدمة العسكرية وسيكون هناك جيل من العاطلين، ومن التحديات الأخرى التي يجب مراعاتها ماذا سيكون وضع المهجرين وكذلك عدم وجود احصاء سكاني، وأضاف الطالقاني ينبغي ان نهتم بقطاع التعليم والصناعات وزج الشباب في قضايا يحتاجها البلد بشكل فعلي ونبقي الخدمة العسكرية من خلال فتح باب التطوع.

التجنيد الالزامي ومفهوم المواطنة

احمد جويد/ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات تساءل هل هنا هناك اسباب موجبة للقانون وهل العراق محتاج فعلا الى رجال مقاتلين، خصوصا وان بعض التقارير تؤكد بان اعداد المقاتلين في العراق وصل الى مليون ومئتين مقاتل، الحرب اليوم ذكية وحرب استخبارات فما هي الغاية لسن هكذا قرار وزج الشباب، مع احتمالية تعرضهم للإهانة وكما حصل ايام سياسة النظام السابق حيث تعرض الشباب للظلم وانتهاك حقوقهم وحرياتهم حتى اصبحوا ادوات طيعة بيد الطغاة ومن دون ان يحركوا ساكنا، ايضا هناك كراهية في المصطلح لاسيما الجيوش التي شكلها صدام كجيش القدس فهل يريدون منا ان نكره الوطن كما كرهنا القدس سابقا، دائما قضايا الاجبار تختلف عن قضايا التطوع وبالتالي الخشية من العودة الى نفس الاساليب، خصوصا اولئك الذين يتخلفون عن اداء الخدمة الالزامية كقطع الاعضاء البشرية او قطع الماء والغذاء والكهرباء، وان الذي يدعي بانها تزيد من اللحمة الوطنية فهذا وهم وسراب.

الدكتور خالد العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، قال اذا اخذنا جانب الشجون نجد الكثير من القوانين وليس قانون التجنيد الالزامي سوف يواجه الكثير من العقبات، عندنا قانون التعرفة الكمركية لم نتمكن من تطبيقه في اقليم كردستان، وقطعا اننا لم نستطع ان نطبقه في مناطق سيطرة داعش، لكن هذا لا يعني ان قانون التعرفة الكمركية قانون خطأ في الاساس، بالعكس القانون جيد وهو يحمي المنتج الوطني ويقوي الصناعة الداخلية، كذلك قانون التجنيد الالزامي وان الكثير من الاخوة الموجودين عانوا ما عانوا من الخدمية العسكرية ومن قضية الاذلال والاهانة التي تعرضوا لها في معسكرات التدريب.

يضيف العرداوي، لكن القضية لم تكن مرتبطة بعدالة القانون وعدم عدالته وانما بسوء الممارسة وسوء التطبيق، اذا اخذنا فلسفة القانون نجد قول الرسول (ص) (علموا ابناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل)، والله سبحانه وتعالى قبل ذلك يقول (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ)، اعتقد ان اقرار قانون الخدمة العسكرية الالزامية لا يتناقض مع الحقوق والحريات العامة، وان قضية الكرامة التي نتحدث عنها هي مرتبطة بالتطبيق وكيفية التعامل مع القانون، دفع البدل ايضا لا يتنافى مع العدالة وهناك ثمة ضرورة لإعادة النظر بهذا القانون خصوصا وان الكثير من الاخوان يشكون من هذا القانون، وطريقة التعاقد وان يكون هناك حفظ لحقوق الشهداء في كل تاريخ المؤسسة العسكرية.

حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث، قال ان وظيفة الجيش وهي تختص بحماية الحدود الخارجية، كما ان أمريكا ما بعد 2003 واثناء دخولها للعراق ورغم استخدامها عبارة الحرب الذكية الا انها استقدمت زيادة في العديد من العسكريين الامريكان، لذا نحن نحتاج اليوم الى قوات وبأعداد جيدة من اجل تحرير الارض ومسكها، كما ان الورقة اشارت الى ان التجنيد الالزامي ماسا بكرامة الانسان، فهل من يتطوع الى الجيش يتخلى عن كرامته، ولماذا يذهب هذا المتطوع الى الجيش، لأنه لا تتوفر لديه فرصة عمل وهنا ايضا يدخل في خانة القسر والالزام بشكل او باخر.

التجنيد الإلزامي ارث مؤلم

الشيخ مرتضى معاش، قال انه معارض للتجنيد الالزامي لأنه ارث ثقافي وتاريخي مؤلم جدا في العراق، وهو من ارث الدولة العثمانية حيث كان العراقي من ابناء الوسط والجنوب يأتي له الجيش العثماني ويأخذه من بيته ولا يعود ابدا، التجنيد الالزامي دمر الانسان العراقي بحروب عبثية ولو سئلنا اي مواطن عراقي عن تجربته في التجنيد الالزامي كيف أصبح اسيرا ومرتهنا وخادما للضابط الاعلى منه، وما علاقة المواطنة بالتجنيد الالزامي فهل كل من يدخل للعسكرية يصبح مواطنا ومن لا يدخل ليس بمواطن هذا المفهوم غير دقيق، التجنيد الالزامي لا يمت بصلة لقضية الامن والدفاع عن الوطن فمن يحارب التنظيمات الارهابية اليوم هي قوات الحشد الشعبي والفرقة الذهبية وفرقة مكافحة الإرهاب، وكلها قوى تعتمد على الايمان والخبرات الذكية وعلى الاسلحة والتكنولوجيا الذكية.

يضيف معاش، يجب ان ندعم الخدمة المدنية والطوعية وهذ لا يتنافى مع فكرة تعليم المواطن كيفية حمل واستخدام السلاح للدفاع عن الوطن وان نركز على الحقوق والواجبات، فلا يمكن تحقيق العقد الاجتماعي ما لم نسعى الى تفعيل دورة الحقوق والواجبات، علما ان من اثار هذا الموضوع كان يهدف من وراءه الى اثارة الفتنة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي، مشكلة العراق اليوم مشكلة الفساد الذي طال جميع المؤسسات وحتى المؤسسة العسكرية، لذا نحتاج الى قراءة اكثر واقعية والدعوة الى بناء مجتمع مدني والخلاص من العسكرة والمجتمع العسكري والانتهاء من حقبة الحروب والذهاب نحو التنمية والاعمار.

 الدكتور عادل كرم من جامعة كربلاء كلية القانون، يرى ان قانونا من هذا المستوى يطرح في هذا الوقت بالذات تقف وراءه بعض النوايا، واذا ما احسنا الظن بهذه الارادات التي طرحت هذا المقترح لكن التوقيت في غير محله، خاصة وانهم تداركوا حقيقة هذا الامر بعد ايام من طرح هذا المشروع وذكروا بان القانون وان شرع لن يطبق في الوقت الحاضر ويأجل تطبيقه الى اشعار اخر او الى حين اعداد الارضية الملائمة والمقومات الاساسية، وعلى هذا الاساس ربما نسأل السيد المحاضر السؤال التالي قانون من هذا المستوى ويثير الخلافات اليس الاحرى ان يطرح في مشاريع انتخابية او ان يحصل على استفتاء، واخيرا فان هذا القانون سيبقى في ادراج مجلس النواب ولن يشرع.

الدكتور ضياء الجابري عميد كلية القانون في جامعة كربلاء ومدير الجلسة، قال ان الوقت غير مناسب لطرح هذا المشروع ويثير العديد من الاشكالات المتعلقة بالوضع السياسي الامني في العراق، بل يخلط الاوراق وبالتالي يزيد المشهد السياسي تعقيدا اكثر مما هو معقد في الوقت الحاضر، يحتاج هذا الامر الى استقراء الرأي من خلال مؤسسات اعلامية تثقيفية، وبعد ذلك يمكن طرح الاشكاليات المتعلقة بكيفية تنظيم المسائل الخاصة بهذا القانون من حيث المدة والمساواة والبدل والاماكن الخاصة بالخدمة وامكانية تطبيقه على اقليم كردستان، وهذه مشكلة جدية في ظل هذه الاوضاع والعلاقة غير الودية بين المركز والاقليم بين الجيش الاتحادي وقوات البيشمركة، نعتقد هذه نقاط خلاف تحتاج الى حلول قبل الخوض في هذه المواضيع،

بعدها اجاب الدكتور المحاضر علاء الحسيني على المداخلات والتعقيبات وبما يتلائم مع حيثيات وتفاصيل البعد القانوني والدستوري من دون يتجاهل حقيقة الواقع العراقي المثقل بالكثير من الاشكاليات ذات البعد الطائفي والحزبي.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات