اخبار

الحماية القانونية الدولية للمتظاهرين البحرينيين

كفل القانون الدولي الحق في التظاهر، كما فرض حماية على حرية الرأي والتعبير. وبحسب المختصين "أن حرية الرأي مصونة بالقانون الدولي العام، وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتبر من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن القواعد الآمرة فيه". كما يعتبر حق التجمع السلمي بالاعتصام والتظاهر والإضراب عن العمل من مظاهر هذا الحق.

إن أبرز ما ورد في حق التظاهر هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948، فالمادة "18" نصت علي "لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين" والمادة "19" نصت على "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود." كما نص ذات الإعلان على حق كل مواطن في الاشتراك في أي من الجمعيات وحقه في التحدث ومناقشة الأمور العامة التي تهم مجتمعه، وذلك في المادة "20 " منه التي نصت على "1. لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية. 2. لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما."

كما نصت المادة "21" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "يكون الحق في التجمع السلمي معترف به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون، وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم"

والمقصود بحرية التجمع السلمي هي "قدرة المواطنين على الالتقاء بشكل جماعي بعقد الاجتماعات العامة أو المؤتمرات أو المسيرات أو الاعتصامات السلمية، وبغض النظر عن الجهة المنظمة، وذلك ليتبادلوا الرأي ويبلوروا مواقفهم تجاه قضايا مختلفة، ويمارسوا ضغطا على السلطة التنفيذية بهدف التعبير عن مواقفهم وتحقيق مطالبهم". وبذلك يعتبر التجمع السلمي وسيلة من الوسائل ذات الطابع الجماعي في التعبير عن الرأي وتداول الآراء في مختلف المواضيع السياسية والاجتماعية وغيرها وضروري لممارسة الديمقراطية.

فماذا عن حق التظاهر في البحرين؟ وهل يتمتع المتظاهرون بتلك الحقوق المدنية والسياسية التي وفرتها القوانين الدولية وأكدت على حمايتها؟ وكيف يمكن للمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الرأي والتعبير والتظاهر السلمي أن تعكس ما يحدث من انتهاكات خطيرة تطال العديد من البحرينيين بسبب تعيرهم عن رأيهم أو خروجهم في تظاهرات يطالبون بحقوقهم السياسية والاجتماعية؟

وصف سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان من قبل هيومن رايتس ووتش بأنه كئيب وبأنه تدهور بشكل حاد في النصف الأخير من عام 2010. وأعربت سويسرا عن قلقها البالغ إزاء القيود التي تفرضها السلطات البحرينية على الحق في التظاهر السلمي إضافة إلى استمرار الاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة. ففي كلمتها ضمن أعمال الدورة 29 بمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة المنعقدة في جنيف، قالت إنها لا تزال تشعر بالقلق إزاء القيود الخطيرة المفروضة على حقوق الإنسان في سياق المظاهرات السلمية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية.

وقرأ رئيس منظمة سلام البحرين للديمقراطية وحقوق الإنسان جواد فيروز أمام مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف اليوم الاثنين 28 سبتمبر 2015 بياناً موقعا من 21 منظمة حقوقية طالبت فيه بإصدار المجلس قراراً بتعيين مقرر خاص للبحرين.

وجاء في البيان "إن المنظمات الحقوقية الموقعة تلفت نظر مجلس حقوق الإنسان حول تطورات الوضع الحقوقي في البحرين، خصوصا مع ما لحق حق التعبير عن الرأي والتجمع السلمي من انتهاكات في الفترة الأخيرة". وأضاف البيان: في الوقت الذي مازال يطالب فيه المقرر الاممي الخاص بالتجمع السلمي بزيارة البحرين منذ عام 2011، وانتقاد سويسرا للقيود المفروضة على هذا الحق في الدورة الماضية، فإنّ السلطة تواصل رفضها لطلبات التجمع السلمي التي تقدمها قوى المعارضة، وتقمع بعنف الاحتجاجات السلمية، كما أنها لازالت رافضة لزيارة المقرر الخاص للتعذيب منذ عام 2011، مع استمرار التعذيب الممنهج في سجون ومراكز الاحتجاز."

وناشد بيان صادر عن خبراء الأمم المتحدة في حقوق الانسان، وقعه كل من مادز أنديناس، مقرر حقوق الإنسان للسجن التعسفي، وديفد كايي، المقرر الخاص لمسألة حرية الرأي والتعبير، وميشيل فورست، المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، وهاينر بيلفيلدت، المقرر الخاص لمسألة حرية الدين والمعتقد، ومينا كيا، المقرر الخاص بمسألة حق التجمع والارتباط الحكومة البحرينية لإطلاق جميع الذين اعتقلوا لأسباب تتعلق بحق التعبير السلمي عن آرائهم.

تقول منظمة العفو الدولية في تقريرها 2015 إنه "وفي السنوات لأخيرة استمرت السلطات في تأكيد قوتها من خلال شن حملة قمعية ضد المعارضة. ولا يزال النشطاء السلميون ومنتقدو الحكومة يتعرضون للقبض عليهم وزجِّهم في السجون في شتى أنحاء البلاد. وقد حُظرت جميع المظاهرات العامة في العاصمة المنامة منذ سنتين تقريباً. ويتم تفريق الاحتجاجات التي تنظَّم خارج المنامة على أيدي قوات الأمن على نحو منتظم، وغالباً ما يتم ذلك باستخدام الغاز المسيل للدموع ورصاصات الخرطوش، مما يؤدي إلى وقوع وفيات أو إصابات بالغة، ويتعرض المعتقلون قبل تقديمهم إلى المحاكمة للتعذيب بشكل اعتيادي بهدف انتزاع اعترافات" منهم."

يتضح مما تقدم:

1- إن واقع حرية الرأي والتعبير في البحرين قد وصل إلى أدنى درجاته، حيث استمرت عملية الملاحقات القضائية والقانونية واعتقال نشطاء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان لأسباب منها التغريد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اعتقال شخصيات سياسية ووطنية بارزة منهم الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية.

2- إنّ الحكومة البحرينية فشلت في تنفيذ معظم توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي قدمت لها في نوفمبر 2011، وكذلك توصيات مجلس حقوق الإنسان التي أقرت في مايو 2012 في جنيف، وقد كانت ترتكب التجاوزات دون اكتراث للنداءات الدولية المتكررة المطالبة بإيقاف سياسة الإفلات من العقاب أو محاصرة الحقوق والحريات.

3- إن قمع المظاهرات واعتقال المتظاهرين السلميين وتعذبهم وقتلهم هي جرائم قتل عمدية طبقا لقانون العقوبات البحريني، كما أنها تشكل جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي، طبقا لنص المادتين السادسة والسابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

4- وبالتالي، يتعين على الأمم المتحدة إصدار قرار بتعيين مقرر خاص للبحرين نتيجة عدم تنفيذ السلطات التزاماتها الدولية والتهرب من آليات الرقابة الدولية، وتشكيل لجنة أممية لتقصي الحقائق تزور البحرين، خصوصا وأنّ الانتهاكات التي حدثت بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق السابقة تفوق ما وثقه التقرير من تجاوزات وانتهاك للحقوق والحريات الأساسية.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات