مقالات

متى تتوقف جرائم الإبادة بحق شيعة باكستان؟

(الإرهاب لا دين له) مقولة طالما رددها السياسيون وروجها الإعلام، غير أن تلك المقولة تنافي الحقيقة والواقع، فالحقيقة إن دين الإرهاب معروف لدى الجميع وهم في عقيدتهم يدينون لفكرٍ ومذهب معروف، أما الواقع فيقول إن هناك دول ومؤسسات تمول وتدعم وتخطط لأصحاب هذا الفكر، دول ديكتاتورية ومؤسسات دينية تحض على الكراهية والعنف واستباحة الدماء، وإلا فما هو الدافع من استهداف الأبرياء الذين يذهبون بشكل منظم وشبه يومي في باكستان من أبناء الطائفة الشيعة؟

لا لشيء إلا لإختلافهم فكرياً وعقائدياً مع من يستبيح حرمة الدم وينتهك الكرامة البشرية، فالعشرات بل المئات من السكان الشيعة في باكستان يسقطون نتيجة أعمال عنف مسلحة، والأشهر القليلة الماضية كشفت عن أعداد متزايدة من الضحايا بين صفوف المدنيين الأبرياء من الطائفة الشيعية الأمر الذي أدى لخروج تظاهرات كبيرة تطالب الحكومة والأجهزة الأمنية الباكستانية بالتدخل الجدي لحمايتهم من هجمات الإرهابيين وأصحاب الفكر (التكفيري).

ويكشف الاستهداف الإجرامي المستمر الذي يطال السكان الشيعة في باكستان عن:

أولاً: حجم الهجمة الشرسة والمنظمة للجماعات الإرهابية التكفيرية والجهات التي تخطط وتمول لحملات الإبادة الجماعية باستهداف الطائفة الشيعية في العالم على وجه العموم ومن بينهم الشيعة في باكستان.

ثانياً: مدى استهتار الإرهابيين من أصحاب الفكر المتطرف -التكفيريين- بحرمة النفس الإنسانية وبحرمة الدماء البشرية.

ثالثاً: عجز وفشل القوات الأمنية الباكستانية في التصدي للهجمات الإرهابية التي تطال السكان الشيعة هناك والتي طالما استنجد بها السكان الشيعة في باكستان من أجل توفير الحماية اللازمة لهم.

رابعاً: تهاون القوى الدولية بالتصدي للمؤسسات التي تحرض وتمول وتخطط لتك الجماعات، إذ لا تزال العديد من المؤسسات الدينية في دول المنطقة تغذي المتطرفين وتحرضهم وتساعدهم على تنفيذ هجماتهم الإجرامية رغم الحرب المعلنة من الدول العظمى لمحاربة الإرهاب، كما إن بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى لا تزال تصرح بإسم التكفير والإرهاب بل، وفي بعض الأحيان تؤدي دور المفاوض أو الناطق بإسم الجماعات الإرهابية.

إن ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على "الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد"، وأن تلتزم به جميع الدول الأعضاء على تشجيع "الاحترام العالمي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز على أساس العرق الجنس، أو اللغة، أو الدين " تمت صياغته عندما أصبحت الفظائع التي ارتكبها الجيش النازي واضحة بعد الحرب العالمية الثانية، بينما نشاهد والعالم كله يشاهد اليوم حجم أعداد الضحايا من الأبرياء الذين تطالهم يد الجماعات التكفيرية بالخصوص من أبناء الطائفة الشيعية ضمن مجاز بشعة يقوم بها أصحاب ذلك الفكر والتي قد تفوق مجازر النازية في الحرب العالمية الثانية.

كل ذلك يستدعي تدخلاً أممياً لحماية المجتمعات المستهدفة من قبل الإرهاب وبالخصوص السكان الشيعة في باكستان الذين لا يجدون من يحميهم من تلك الهجمات أو يوقف نزيف دمائهم المستمر، وعليه فلابد من تدخل يتخذ الشكل الآتي:

1- توجه ضربات جوية لمواقع وأوكار الإرهابيين وساحات تدريبهم وإعدادهم، وأن تكون تلك الضربات إستباقية وليست عبارة عن ردة فعل تحصل بعد فوات الأوان وإزهاق أرواح الأبرياء.

2- إتخاذ إجراءات فاعلة وقوية ضد الحكومات والمؤسسات التي تغذي تلك الجماعات عسكرياً ومالياً وفكرياً وإعلامياً، طبقا لاتفاقية جنيف التي عرفت المادة الأولى الخاصة بمكافحة ومعاقبه الإرهاب الدولي عام 1937 الإرهاب "انه الأفعال الإجرامية الموجه ضد الدولة والتي يتمثل غرضها او طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصية معينة او جماعات من الأشخاص او عامة الناس.

3- إشاعة روح التسامح التي جاء بها الإسلام والعمل على تحقيق مبدأ التعايش السلمي بين جميع المكونات على اختلاف عقائدها وأعراقها وأجناسها والتي جاء بها الإسلام لتنعم الشعوب بالأمن والسلام.

إن الأمن والسلام لا يمكن لهما أن يعمان في ربوع المعمورة مع هذه الفورة الكبير من الإرهاب الأعمى الذي صار يضرب جميع الدول دون إستثناء، وإن المسؤولية التاريخية والأخلاقية التي تحملها المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن يحملانهم نتائج ما تقوم به تلك الجماعات المتطرفة في الاعتداء على أرواح الأبرياء، وإن التغاضي عن الدول والمؤسسات الممولة للإرهاب هو اشتراك في نفس الفعل، فلابد من وقفة حقيقية وعلى كافة المستويات لإنقاذ الأبرياء وفي مقدمتهم من يتعرضون للقتل اليومي في باكستان، (فالإرهاب له دين).

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://www.telegram.me/
التعليقات